responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش    الجزء : 1  صفحة : 179
ولا نظيرَ له في الآحاد، مكسَّرٌ على حدّه، صار كأنّه جُمع مرّتَيْن، نحوَ: "كَلْبٍ، وأَكْلُبٍ، وأَكالِبَ"؛و"رَهْطٍ، وأَرْهُطٍ، وأَرَاهِطَ". وكُرّرت العلّةُ، وقامت مقامَ علّتَيْن كما قلنا فيَ ألف التأنيث.
وليس في الأسباب ما يمنع الصرفَ وحده، ويقوم مقامَ علّتين، سوى ألف التأنيث، وهذا الضرب من الجموع، فإذا كان هذا الجمع صحيحًا غيرَ معتَلّ، فإنّه غيرُ منصرف، نحو: "هذهَ مساجدُ ودراهمُ". ويكون في موضع الجرّ مفتوحًا، فإن كان معتلًا بالياء، نحو: "جَوَارٍ"، و"غَوَاشٍ"، فإنّه ينوَّن في الرفع والجرّ، ويُفْتَح في النصب من غير تنوين، نحو: "هذه جوارٍ وغواشٍ"، و"مررت بجوارٍ وغواشٍ"؛ و"رأيت جَوارِيَ وغواشِيَ"؛ كما تقول: "رأيت ضواربَ".
وفيه مذهبان؛ أحدهما: قولُ الخليل وسيبويه أنّه لمّا كان جمعًا، والجمعُ أثقلُ من الواحد، وهو الجمعُ الذي ينتهي إليه الكثرةُ على ما تقدّم، نحو"أكالِب"، و"أَراهِطَ"، و"أَشافٍ"، وكان آخِرُه ياء مكسورًا ما قبلها، وكانت الضمّةُ والكسرةُ مقدَّرتَيْن فيهما، وهما مستثقَلتان، وذلك ممّا يزيده ثقلًا، فحذفوا الياء حذفًا تخفيفًا، فلمّا حذفوا الياء، نقص الاسمُ عن مثال "مَفَاعِل"، فدخله التنوينُ، على حدِّ دخوله في "قِصَاعٍ"، و"جِفَانٍ" لأنّه صار على وَزْنه؛ والذي يدلّ على ذلك أنك إذا صِرْت إلى النصب لم تحذف الياء، لخفّةِ الفتحة، ولأنّهم لما حذفوا الياء في الرفع والجرَّ، ودخله التنوينُ، وافَقَ المفردَ المنقوصَ، فصار قولُك: "هذه جوارِ وغواشٍ"؛ و"مررت بجوارٍ وغواشٍ"، كقولك: "هذا قاضٍ"، و"مررت بقاضٍ"، أرادوا أن يوافقه في النصب، لئلّا يختلف حالاهما.
وذهب أبو إسحاق الزجّاجُ إلى أنّ التنوين في "جوارٍ"، و"غواشٍ" ونحوه، بدلٌ من الحركة الملقاة عن الياء في الرفع والجرَّ لثِقلهما؛ ولمّا دخل التنوينُ، عوضًا على ما ذكرنا، حُذفت الياء لالتقاء الساكنين، سكونها وسكون التنوين بعدها، على ما قلنا في: "قاضٍ"، و"غازٍ". ولا يلزم ذلك في النصب، لثُبوت الفتحة، وهذا الوجهُ فيه ضعفٌ، لأَنّه يلزم أن يُعوَّض في نحوِ: "يَغْزُو"، و"يَرْمِي".
فإن قيل: إن الأفعال لا يدخلها تنوينٌ، فلذلك لم يعوّضوا في: "يغزو"، و"يرمي". فالجواب: إن الأفعال إنّما يمتنع منها تنوينُ التمكين، وهو الدالُّ على الخفّة؛ فأمّا غير ذلك من التنوين فإنّه يدخلها. ألا ترى إلى قوله [من الوافر]:
وقُولِي إنْ أَصَبْتُ لَقَدْ أَصابَنْ (1)

(1) تقدم بالرقم 36.
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش    الجزء : 1  صفحة : 179
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست