معانٍ: جمع معنى وهو في الأصلِ مصدرٌ ميميٌ من العناية نُقل إلى معنى المفعول وهو ما يُراد من اللفظ، لمعانٍ نقول المعنى في الاصطلاح عند النحاة: ما يراد من اللفظ أو ما يقصد من اللفظ. ما الذي تقصده إذا قلت: ضَرَبَ زيدٌ عمراً؟ تقصد جئت بالضرب الذي هو المصدر على زنة ضرب للدلالة على أن الفعل قد وقع وحصل الذي هو الحدث في الزمن الماضي. إذاً صياغتك للفعل الماضي على وزن ضرب من الضرب جئت به لمعنىً وهذا المعنى دلالة هو ضَرَبَ على وقوع الحدث في الزمن الماضي. (يضربُ زيدٌ عمراً) لم قلت يضربُ من الضرب؟ للدلالة على وقوع الحدث في الزمن الحال. اضرِب للدلالة على طلب إيقاع الحدث في الزمن المستقبل. إذاً هذه الاختلافات بين الصيغ (ضرب ويضرب واضرب) أنت غيّرت وحولت من الضرب إلى واحدٍ من هذه الأمثلة لمعنىً مقصودٍ لكَ, فلذلك قال في الحد: لمعانٍ مقصودة لا تحصل إلا بها، لا تحصل تلك المعاني إلا بها، الضمير هنا يعود على الأمثلة المختلفة، لا يمكن أن يُعبر عن إيقاع الحدث في الزمن الماضي بصيغة يفْعُل؛ لم؟ لأن يفعل هذه وضعت للدلالة على وقوع الحدث في الزمن الحال، وأنت تُريد أن تخبر عن إيقاع الحدث في الزمن الماضي، إذاً لا يمكن أن تُعبر بما في نفسك إلا إذا جئت بالصيغة الدالة على ذلك المعنى الخاص. واضح هذا؟. نقول التصريف أو الصرفُ في اصطلاح الصرفيين من جهة كونه صناعةً: تحويل الأصل الواحد الذي هو المصدر وغيره إلى أمثلة مختلفة، فإذا قيل لك مثلاً: اِيتِ برجل وهو مثنى، ثنِّه تقول: رجُلان ماذا صنعت؟ زدت عليه الألف والنون، الألف هذه علامة رفع في حالة الرفع والنون هذه عوضاً عن التنوين. أين يُبحث هذا؟ في فن الصرف؟، هل هو أمرٌ نظري علميٌ فقط أم عملي؟ نقول: عملي صناعيّ, تحويل الأصل الواحد نحول المصدر إلى الفعل وإلى الوصف. المُراد بالوصف هنا: اسم الفاعل واسم المفعول وإن كان هو بواسطة، لمعانٍ مقصودة لا تحصل تلك المعاني إلا بهذه الأمثلة؛ فالكرم مثلاً هذا مصدر إذا أردت أن تُحوله إلى معنى، هذا المعنى تُريد أن تُخبر عن إيقاع الكرم في الزمن الماضي فتأتي به على وزن أفْعَلَ (أَكَرَم زيدٌ عمراً)، إذا أردت أن تُخبر عن هذا الوصف الذي هو المصدر بأنه يقع ويحصل في الزمن الحاضر تقول: (يُكرم زيدٌ عمراً)، إذا أردت إيجاده وطلبه من غيره فتقول: أَكْرِمْ. إذاً أنت حولت المصدر الذي هو الأصل الواحد إلى أمثلة مختلفة، هذه الأمثلة وهذه الأوزان والصيغ لها معانٍ كل صيغةٍ تدل على معنىً خاص، المعنى هو الذي يوجد في النفس، وهذه الألفاظ هي دليلها وهي عبارةٌ عنها.
أما من جهة كونه علماً فهذا عرفه ابن الحاجب -رحمه الله- بقوله: علمٌ بأصولٍ تُعرف بها أحوالُ أبنية الكلم التي ليست بإعراب.
علم التصريف هو علم بأصولٍ تُعرف بها أحوالُ الكلم التي ليست بإعراب.
الصرف كان عند المتقدمين داخلاً في مُسمى النحو، كان النحو والصرف يشملهما عنوانٌ واحد يُسمى بالعربية ويسمى بالنحو؛ ولذلك ابن مالك -رحمه الله- نظم النحو ونظم في آخر ألفيته الصرف، وقال:
مَقَاصِدُ النَّحْوِ بِهَا مَحْوِيَّهْ