"مَقَاصِدُ النَّحْوِ" وهو قد نظم أيضاً الصرف، فدل على أنه يُريد النحو فن الصرف الخاص عند المتأخرين - وهو من المتأخرين -، والنحو الذي هو الكلام على التراكيب.
إذا أردنا أن نحد النحو كما سبق معنا في شرح المُلحة الشامل للصرف فنقول: هو علمٌ بأصول تُعرف بها أحوالُ الكلم إفراداً وتركيباً.
علمٌ بأصول تُعرف بها أحوالُ الكلم - ولا نقيد الآخر- أحوالُ الكلم إفراداً هذا هو فن الصرف، لماذا؟ لأن مبحث علم الصرف عن الألفاظ المفردة الكلمات فقط، لا يتكلم الصرف ولا يتعلق ولا يبحث عن التراكيب، إنما يبحث عن الكلمة قبل التركيب، ولذلك بعض أهل اللغة يرى أن الطالب يقدم فن الصرف على فن النحو، لم؟ لأن الأصل في الكلام أن يكون مفرداً، كلمات تختار من المعاجم ونحوها ثم تركب، والعِلمُ بالمفرد مقدم على العلمِ بالمركب، العلم بالمفردات مقدم على العلم بالمركبات، والنحو مُختص بالمركبات، إفراداً هذا المُراد به فن الصرف، تركيباً هذا المُراد به فن النحو، هذا عند المتقدمين. أما عند المُتأخرين لما فُصل فن الصرف بمصنفات ومباحث خاصة وشروح ونحوها جُعل فن النحو بِلقبٍ خاص وجُعل فن الصرف بلقبٍ خاص، عُرّف النحو الخاص بأنه علمٌ بأصولٍ تُعرف بها أحوال أواخر الكلم ِ إعراباً وبناءً. إذاً قيدنا أواخر؛ لأن مبحث النحو في أواخر الكلمات المفردة بعد التركيب، وعُرّفَ فن الصرفِ بعد إفراده وميزه عن النحو بأنه علم بأصول تُعرف بها أحوالُ أبنية الكلمِ التي ليست بإعراب ولا بناءً أو ليست بإعراب على قول ابن الحاجب.
علمٌ هذا جنس يشمل المقصود وغيره، يعني يشمل ما يريد تعريفه فن الصرف وغيره، علمٌ هذا جنس، بأصول يُعرف بها أحوال أبنية الكلم هذا أخرج ماعدا النحو والصرف، أخرج سائر الفنون، وبقي معنا النحو والصرف، التي ليست بإعرابٍ أخرج النحو، هذا على جهة الإجمال، أما على جهة التفصيل فنقول: قوله: علمٌ العلمُ يُطلق في استعمال العلماء على أحدِ ثلاثة معانٍ: الأول: الإدراك, والثاني: المسائل, والثالث: الملكة، قد يُراد في بعض المواضع بلفظ العلم الإدراك وهو معناه الأصلي في لغة العرب،
الْعِلْمُ إِدْرَاكُ الْمَعَانِي مُطْلَقاً
هذا هو الأصل, العلم هو إدراك المعاني مطلقاً، يعني سواء كان المعنى المدرك من جهة المفردات أو من جهة التراكيب، إذاً المعنى الأول للعلم هو الإدراك وهو المراد هنا. المعنى الثاني: المسائل، نفس المسائل التي يُبحث عنها في ذلك الفن, المعنى الثالث: الملكة التي يُِحصّلها الصرفي أو النحوي من ممارسة العلم. إذاً نقول: علم المراد به الإدراك، ما معنى الإدراك؟ وصول النفس إلى المعنى بتمامه، وهذا الوصول وصول النفس إلى المعنى أو الإدراك قد يكون مُتعلقه مفرد بيت، تعرف كلمة "بيت" معناها تعرف كلمة "مسجد" تعرف كلمة "قام" نقول: هذا إدراك للمعنى، هل هو إدراك معنى مُفرد أو مركب؟ نقول: مفرد، هذا الذي يُسمى بالتصور، قال الأخضري:
إِدْرَاكُ مُفْرَدٍ تَصَوُّراً عُلِمْ ... وَدَرْكُ نِسْبِةٍ بِتَصْدِيقٍ وُسِمْ