أما في الاصطلاح: وهذا نسبة إلى يعني المعنى الاصطلاحي, نسبة إلى الاصطلاح، والاصطلاح المراد به ما يختص كل أهل فن بفنونهم، هناك ألفاظ يصطلح أرباب هذه الفنون على إطلاق هذه الألفاظ على معانٍ خاصة، ولذلك إذا أردنا حده فنقول: الاصطلاحُ لغةً: الاتفاق يقال: اصطلح زيدٌ وعمروٌ إذا اتفقا، والاصطلاح في الاصطلاح: اتفاقُ طائفة مخصوصةٍ على أمرٍ معهود بينهم متى أطُلق انصرف إليه، يعني العام، لفظ العام في اللغة يدل على الشمول، لكن عند الأصوليين هل هو معنى الشمول فقط؟ لا، إنما هو يُراد به معنى خاص. الخاص أيضاً في اللغة يُراد به معنى ما يقابل الشمول، هل هو بهذا المعنى عند الأصوليين؟ الجواب: لا. وهذا ما يُسمى بالحقائق العُرفية. الصرف أوالتصريف في اصطلاح الصرفيين له جهتان:
جهة علمية، وجهة عملية، يعني لأن التصريف تغيير، الطالب أو الصرفي يأخذ المصدر فيغيره ويقلب فيه أو يوجهه من حال إلى حال، إذاً هذا عملي. إذاً يُنظر إلى فن الصرف من جهة كونه عَلَماً ومن جهة كونه صناعة وعملاً, الثاني الذي هو يعنينا الذي هو الصرف العملي أو الصناعي نسبة إلى الصناعة وهي التمرين على القواعد نقول: هو تحويلُ الأصلِ الواحدِ إلى أمثلةٍ مختلفةٍ لمعانٍ مقصودةٍ لا تحصل إلا بها.
تحويل، ما معنى التحويل؟ المُراد به: التغيير، تغيير الأصل الواحد تغيير أو تحويل الأصل الواحد، المراد بالأصل الواحد هنا المصدر، لأن المصدر كما سيأتي هو أصل الاشتقاق، قال الحريري:
وَالْمَصْدَرُ الْأَصْلُ وَأَيُّ أَصْلِ ... وَمِنْهُ يَا صَاحِ اشْتِقَاقُ الْفِعْلِ
إذاً اشتقاق الفعل الماضي والمضارع والأمر واسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة وأفعل التفضيل كل هذه مشتقة من المصدر، سواء كانت بواسطة أو بدون واسطة، قد يكون الاشتقاق مباشرة كالفعل الماضي من المصدر، وقد يكون بواسطة كاسم الفاعل واسم المفعول. إذاً تحويل الأصل الواحد المُراد بالأصل في اللغة ما يبنى عليه غيره، ولذلك المصدر يُبنى عليه غيره وهو الفعل الماضي وسائر المشتقات، عبر بالأصل الواحد هنا ليشمل المذهبين: المذهب البصري والمذهب الكوفي؛ لأن أصل الاشتقاق مُختلفٌ فيه, عند البصريين: أن المصدر هو الأصل، وعند الكوفيين الفعل الماضي هو الأصل, فلذلك نقول في الحد هنا: تحويل الأصل الواحد، إذاً الأصل الواحد المُراد به المصدر على مذهب البصريين، وتحويلُ الأصلُ الواحد المُراد به الفعل الماضي على مذهب الكوفيين، فالأحسن أن يُعمم قولنا الأصل الواحد فيُراد به المصدر وغيره, لم؟ لأن باب التثنية والجمع والتصغير والنسب هذه من أبواب الصرف، فتحويل الأصل الواحد كـ (زيدٌ) إلى (زيدان)، وتحويل الأصل الواحد (زيد) إلى (زيدون)، وتحويل الأصل الواحد وهو (قُريش) إلى (قُرشيّ)، وتحويل الأصل الواحد (جبل) إلى (جبال)، نقول: هذا تغييرٌ من حال إلى حال، وهذه الأبواب التثنية والجمع والنسب والتصغير والجمع التصحيح والجمع المؤنث السالم هذه كلها من مباحث فن الصرف، فإذا خصصنا تحويل الأصل الواحد بالمصدر أو الفعل الماضي خرجت سائِر الأبواب.