قبل الدخول في الكتاب نفسه يذكر العلماء المبادئ العشر، كل طالب علم ينبغي إذا بدأ في فن ما أن يعرف المبادئ العشرة؛ لأنه لا يمكن أن يطلب شيئاً غير معلوم، ولذلك من المقرر في جميع الفنون وخاصة الفنون التي لا تكون متداولة في التدريس، طالب العلم يدرس النحو ولا يعرف ما هو النحو؟ ولا هو موضوع علم النحو وما هو واضعه ولا حكمه في الشرع, كذلك فن الصرف وفن البيان وفن المنطق أوالمصطلح أوغيره، لابد أن يقف على حد هذا الفن، وهذه المبادئ العشرة أهمها: الحد والموضوع وثمرته وحكُمهُ الشرعي، لأن إذا كان العلم من المُباحات لماذا يشتغل به طالب العلم؟ لماذا يُقدمه على غيره من المقاصد؟ نقول: ما لايتم الواجب إلا به فهو واجب، وما قد يحصل على المقصود بدونه فالاشتغال به من فضول العلم. إذاً لابد من معرفة الحد والموضوع والثمرة وحكم الشارع في ذلك الفن، هذه المقدمة والمبادئ العشرة كما سبق نظمها محمد بن علي الصبان في قوله:
إن مبادي كل فنٍّ عشرة
الحدُ والموضوع ثم الثمرة
وفضلُه ونسبة والواضع
والاسم الاستمداد حكم الشارع
مسائلٌ والبعضُ بالبعضِ اكتفى ... ومن درى الجميع حاز الشرفا
مسائل والبعض: يعني بعض العلماء، بالبعض اكتفى: يعني ببعض هذه المسائل دون العشرة اكتفى بذكرها لطلاب العلم، فلا يحتاج أن يستوفي جميع المبادئ العشرة، وإنما يُكتفى بثلاث في الغالب وهي الحد والموضوع والثمرة ونزيد عليه حكم الشارع فيه؛ ليعلم طالب العلم حكم العلم الذي يدرسه؛ لأنه إذا كان مُباحاً وليس مما يُحكم عليه بأنه واجب كفائي أو مستحب كان الاشتغال به من فضول العلم وضياع الأوقات.