ووجهه: أننا لو قلنا بعدم جواز ذلك لأدَّى إلى مفسدة الهلاك المترتبة على المرض، أو على الأقل يؤدي إلى حصول مشقة الآلام الموجودة في المرض، ودرء المفسدة معتبر شرعًا، فجاز قصده بالحكم بالرخصة واستثناء حالة التداوي من الأصل المقتضي للمنع.
ثم إن قواعد الشريعة الإسلامية نصت على أن المشقة تجلب التيسير [1]، وأن الضرر يزال [2] والمشقة مترتبة على الحكم بالمنع فجاز التيسير بالرخصة، والضرر موجود في المرض فجازت إزالته بالمداواة مع اشتمالها على محظور الكشف والنظر واللمس [3].
وشرط الحكم بجواز مداواة الرجال للنساء، والعكس أن لا يوجد الأطباء من الرجال في حال كون المريض رجلاً، ولا يوجد العكس في حال العكس، فإذا وجد النظير من الرجال والنساء امتنع الترخيص لعدم وجود الحاجة الموجبة له.
وقد نص الفقهاء المتقدمون -رحمهم الله- على جواز معالجة النساء للرجال، والعكس، وذلك عند وجود الحاجة.
قال الإمام موفق الدين عبد اللطيف البغدادي -رحمه الله-: "ونص أحمد أن الطبيب يجوز أن ينظر إلى المرأة الأجنبية إلى ما تدعو إليه الحاجة، وإلى العورة، وكذلك للمرأة أن تنظر إلى عورة الرجل عند الحاجة نص عليه" [4]. [1] الأشباه والنظائر للسيوطي 76، الأشباه والنظائر لابن نجيم 65، شرح القواعد الفقهية للزرقاء 105. [2] الأشباه والنظائر للسيوطي 83، الأشباه والنظائر لابن نجيم 85. [3] المبسوط للسرخسي 10/ 152, 154, الدر المختار للحصكفي 2/ 385، 386، المجموع للنووي 1/ 299، الأشباه والنظائر للسيوطي 79، الأشباه والنظائر لابن نجيم 80، القواعد الصغرى لابن عبد السلام 61، 62. [4] الطب من الكتاب والسنة للبغدادي 193.