أما القيود والضوابط التي ينبغي على الرجال والنساء مراعاتها عند اختلاف الجنس فهي تتلخص في وجوب التقيد بالحاجة، ومن ثم لا يجوز للمرضى أن يكشفوا عن موضع زائد عن القدر المحتاج إليه للجراحة، ولا يجوز للطبيب أن يصرف بصره إلى أي موضع غير الموضع الذي يحتاج لمداواته، وكذلك ينبغي أن يتقيد بالزمان المحتاج إليه ولا يزيد على ذلك.
قال قاضي زاده الحنفي [1] -رحمه الله-: "ويجوز للطبيب أن ينظر إلى موضع المرض منها للضرورة، وينبغي أن يعلم امرأة مداواتها، لأن نظر الجنس إلى الجنس أسهل، فإن لم يقدروا يستر كل عضو منها سوى موضع المرض، ثم ينظر ويغض بصره ما استطاع، لأن ما ثبت بالضرورة يُقَّدر بقَدرهَا" [2] اهـ.
فبين -رحمه الله- أنه لا تجوز المداواة في حال اختلاف الجنس إلا بعد تعذر وجود الجنس المثيل، فإذا تعذر وجوده جازت المداواة، ووجب على المريض ستر المواضع الزائدة عن قدر الحاجة، ووجب على الطبيب أن يقتصر في نظره على ذلك الموضع المحتاج إلى مداواته.
ثم بين أن هذا الحكم يستند إلى القاعدة الشرعية: "ما أبيح للضرورة يُقدرُ بقدرها" [3]. [1] هو الشيخ أحمد بن محمود الأدرنوي الرومي المعروف بقاضي زاده فقيه، ممن شارك في علوم مختلفة، تولى منصب الإفتاء، وتوفي بالقسطنطينية سنة 988 من الهجرة، وله مؤلفات منها: نتائج الأفكار في كشف الرموز والأسرار وهو تكملة لفتح القدير لابن الهمام، وحاشية على شرح تجريد الكلام، وشرح الشريفي.
معجم المؤلفين عمر كحالة 2/ 171. [2] نتائج الأفكار قاضي زاده 8/ 99. [3] الأشباه والنظائر للسيوطي 84، الأشباه والنظائر لابن نجيم 86، شرح القواعد الفقهية للزرقاء 133.