عنها، ومن ثم قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في شرحه لهذا الحديث: "فيه جواز معالجة المرأة الأجنبية للرجل الأجنبي للضرورة" [1] اهـ.
وفي الصحيح من حديث أنس رضي الله عنه أنه قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يغزو بأمِّ سُلَيْم ونسوة من الأنصار معه، إذا غزا فيسقين الماء ويداوين الجرحى" [2].
فدل هذا على مشروعية معالجة المرأة للرجل عند وجود الحاجة، وأما الكشف عن العورة فهو مستثنى لمكان السبب الموجب للترخيص به، وهو وجود الحاجة الداعية إليه، وقد عهدنا من الشريعة أنها رخصت فيه عند وجودها، ويشهد لذلك حديث عطية القرظي في قصة بني قريظة لما حكم سعد -رضي الله عنه- بقتل مقاتلتهم وسبي ذراريهم كان الصحابة -رضي الله عنهم- ينظرون إلى العانة فمن وجدوه أنبت قتلوه، ومن لم يجدوه كذلك تركوه [3].
وهذا يدل دلالة واضحة على جواز الكشف عن العورة للحاجة.
وكما دلت السنة المطهرة على جواز مداواة النساء للرجال، كذلك دل دليل العقل على جوازها وهو الاستحسان الموجب لاستثنائها من الأصل المقتضي لحرمة اللمس، والنظر، والكشف للعورة والمرأة الأجنبية [4]. [1] فتح الباري لابن حجر 6/ 52. [2] رواه مسلم في صحيحه 3/ 185. [3] رواه أحمد في مسنده 5/ 312، وأبو داود في سننه 4/ 199، وابن ماجة 2/ 849، والترمذي وصححه 4/ 145، 146، وصححه الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في تلخيص الحبير 3/ 42. [4] اعتبر بعض الأصوليين الكشف عن العورة للتداوي من باب الاستحسان. انظر نزهة المشتاق شرح اللمع لأبي إسحاق محمد يحيى أمان 760، 761.