اسم الکتاب : الأحكام الشرعية للثورات العربية المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 377
وكل هذه المعاني صحيحة ولا حرج فيها من حيث المبدأ العام، وهي تتوافق مع ما جاء به الإسلام من العدل والقسط، كما فصلته في كتاب (الحرية أو الطوفان) وكتاب (تحرير الإنسان).
وهذا بخلاف الديمقراطية بمفهومها العقائدي وأصولها الفلسفية التي لا زالت محل جدال وخلاف كبير بين الديمقراطيين والليبراليين أنفسهم، حيث ينزع بعضهم إلى جعل حرية الفرد وحقوقه الطبيعية هي الأساس، مع الاختلاف في تحديد تلك الحقوق الطبيعية، والخلاف في دائرة الحرية الفردية، والخوف عليها من حكم الأكثرية واستبدادها .. الخ
وينزع آخرون إلى جعل الأساس حقوق الفرد كعضو في المجتمع، وضرورة المحافظة على الأفراد وحرياتهم وحقوقهم كمجموعة تتشابك مصالحها، وتحكمها قيم وأديان وفلسفات، يجب مراعاتها، فالديمقراطية تعني حكم الأكثرية واحترام إرادتها وحقوقها، مع حماية حقوق الأقلية .. الخ
والديمقراطية بأصولها تلك، وبهذا المعنى غير مقصودة بلا شك في استخدام كثير من المسلمين وفقهائهم ومفكريهم وكتابهم في هذا العصر لمصطلح الديمقراطية، بل يقصدون المعنى الأول الذي يعني الشورى والعدل والحرية والمساواة وفق حكم الشريعة.
وأما التعددية فالمقصود بها ما يقابل الأنظمة الشمولية الشيوعية حيث الحزب الواحد، والأيديولوجيا العقائدية الواحدة، التي تفرضها الأحزاب الشيوعية اللادينية كما في روسيا وأوربا الشرقية سابقا، والفاشستية كما في إيطاليا، والنازية القومية كما في ألمانيا، حيث تنتهك حقوق أهل الأديان، وحقوق القوميات والأقليات، وحقوق الأفراد وحرياتهم، وحيث يطبع النظام السياسي المجتمع بطابعه دون احترام للإنسان وحريته وكرامته.
ولا شك بأن الإسلام هو أول من جاء بالتعددية الدينية حيث أرسى قاعدة: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة:256].
اسم الکتاب : الأحكام الشرعية للثورات العربية المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 377