responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحكام الشرعية للثورات العربية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 376
فلما دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة وجد مكونات اجتماعية أخرى، لم تؤمن به ولم تبايعه بالرضا والاختيار على السمع والطاعة، وليس هو بجبار ولا مسيطر سياسيا، ولا إكراه في الدين عقائديا، فكان لا بد وفق هدايات القرآن الذي جاء بالعدل والقسط أن تقوم العلاقة مع هذه المكونات التي لا تؤمن به نبيا على أساس عقد تراض سياسي، تحدد بموجبه الحقوق والواجبات، والمرجعية السياسية والتشريعية في الدولة الجديدة، فكانت صحيفة المدينة ودستورها الذي نشأت العلاقة فيه على أساس المواطنة للدولة والالتزام بدستورها وعقدها السياسي، لا على أساس الإيمان بالنبي - صلى الله عليه وسلم -،وهذا غاية العدل والقسط الذي أراده الله {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد:25] ..
فهذا بخصوص مفهوم (الدولة المدنية)،فلا حرج في استعماله بالمعنى الصحيح، وهو أن الأمة هي التي تختار السلطة بالشورى لا بالتفويض الإلهي.
وكذلك مصطلح (الديمقراطية)،ليس له مفهوم واحد محدد، بل له معان عدة، فأصل الكلمة تعني (حكم الشعب للشعب)،بمعنى أن الشعب هو الذي يختار السلطة، وهذا المعنى صحيح شرعا في الإسلام، فالأمة هي التي تختار السلطة، وعلى هذا أجمع الصحابة كما قرر ذلك عمر في آخر خطبة له في صحيح البخاري عن عمر قال: مَنْ بَايَعَ رَجُلًا عَنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ المُسْلِمِينَ فَلاَ يُبَايَعُ هُوَ وَلاَ الَّذِي بَايَعَهُ، تَغِرَّةً أَنْ يُقْتَلاَ " (1)
وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ فَقَالَ:" إِنَّهُ لَا خِلَافَةَ إِلَّا عَنْ مَشُورَةٍ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ بَايَعَ رَجُلًا عَنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ، لَا يُؤَمَّرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا تَغِرَّةً أَنْ يُقْتَلَا " قَالَ شُعْبَةُ: قُلْتُ لِسَعْدٍ: مَا تَغِرَّةً أَنْ يُقْتَلَا؟ قَالَ: عُقُوبَتُهُمَا أَنْ لَا يُؤْمَرَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا .. " (2)
كما للديمقراطية اليوم معنى أوسع من ذلك فالنظام الديمقراطي هو الذي توفرت فيه شروط عدة وهي حكم الشعب، والتداول السلمي للسلطة، والفصل بين السلطات، واستقلال القضاء، واحترام حقوق الإنسان، وسيادة القانون على الجميع ..

(1) - صحيح البخاري (8/ 168) (6830)
(2) - السنن الكبرى للنسائي (6/ 408) (7113) صحيح
اسم الکتاب : الأحكام الشرعية للثورات العربية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 376
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست