اسم الکتاب : الأحكام الشرعية للثورات العربية المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 235
الزيف، وكفر به كله، ودعا إلى اعتزال هذا الواقع، والثورة عليه، إلا إنه سرعان ما وأدت الجماعة روح الثورة القطبية، وتأثر خطاه أقوام لم يفهموه، فاعتزلوا المجتمع فلم يعودوا إليه، ودخلوا عزلة شعورية فلم يخرجوا منها، ولم يستطيعوا تحريك الشعب وإحداث التغيير الذي كان يرنوا إليه سيد قطب!
لقد تحقق للخميني والشعب الإيراني من خلال الثورة الشعبية ضد الشاه، ما لم يتحقق للشعوب السنية بالمحاولات السلمية مع الطغاة!
والمقصود من ذلك كله فهم موقف علماء الأمة من الإصلاح السياسي السلمي، حيث كانوا يرون جوازه، ويدعون إليه، طمعا في تحقيق الإصلاح التدريجي، من خلال تأسيس الأحزاب السياسية، ودخول الانتخابات، والوصول إلى البرلمان، فإن حازوا على الأغلبية من الأمة ساسوها وفق حكم الإسلام وشريعته، وغيروا القوانين والأحكام التي تعارض حكم الله، وإن كانوا أقلية أمروا نواب الأمة وممثليها بالمعروف ونهوها عن المنكر، وبينوا حكم الله فيما يعرض عليهم من القضايا .. الخ.
ولم يخطر ببال أولئك العلماء المجتهدين والدعاة المصلحين ما طرأ على من بعدهم بأن دخول البرلمان شرك وكفر واعتراف بالطاغوت!
إلا أن الذي حال دون تحقيق الإصلاح كما كان يرجو المصلحون في القرن الماضي، هو أن العملية السياسية كانت وما تزال صورية، لأنها تحت ظل نفوذ احتلال أجنبي، وأنظمة حكم تحت سيطرته، فلا يمكن أن تكون العملية السياسية السلمية وحدها هي وسيلة الإصلاح، ما لم تفض إلى تحرير إرادة الأمة وإطلاق يدها، ونفوذ إرادتها!
ومما يؤكد هذه الحقيقة ما جرى في تركيا من تحولات سياسية جزئية، لتحرر إرادة الأمة وأكثريتها من قبضة السلطة العسكرية جزئيا، فتأتى للأحزاب القوية التي حازت على ثقة الشعب، أن تحقق بعض الإصلاحات التي يطمح إليها الشعب التركي، فتحرير الإرادة للشعب، وحصول الشوكة للأمة في أرضها أهم مما سواهما، لأن الشريعة لا تقيمها إلا الأمة، ولا تحميها إلا الأمة، فإذا كانت الأمة مسلوبة الإرادة، مغلولة اليد، مكسورة الشوكة، تسلط عليها عدوها الخارجي أو الداخلي، فعطل شريعتها، واستعبدها، وضيع
اسم الکتاب : الأحكام الشرعية للثورات العربية المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 235