responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحكام الشرعية للثورات العربية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 233
فلما رأوا أن الدساتير تنص على أن (دين الدولة الإسلام)،و (الشريعة المصدر الرئيس للتشريع)،ثم رأوا أن باقي المبادئ والشروط في الدساتير مما لا يتعارض مع الشريعة عموما، لم يروا في ذلك مشكلة، إذ مثل هذا العقد إذا وجد إرادة قوية تقف خلفه لتنفيذه، فلن يكون هناك عائق أمام أسلمة قوانين الدولة كلها، خاصة وأن خبراء الدستور يؤكدون أن نص (دين الدولة الإسلام) كاف وحده في إلزام السلطة بعدم مخالفة دين الدولة في شيء من ممارساتها .. الخ
وهذا السبب ذاته الذي حمل الفقهاء المتأخرين كالشيخ بن باز وابن عثيمين على القول بجواز دخول البرلمان، والمشاركة السياسية، والإصلاح من خلالهما لتعديل القوانين التي تخالف حكم الشريعة!
لقد كان المسلمون وقبل سقوط الخلافة العثمانية يمارسون العمل السياسي، ويعرفون الأحزاب السياسية، وينتخبون أعضاء المبعوثان وهو البرلمان، في كل ولايات الدولة العثمانية، كما عرفوا المشروطية وهو الدستور، ولم يقل أحد من علماء الأمة آنذاك، بأن هذا العمل محرم، أو أن دخول البرلمان في حد ذاته شرك وكفر، أو أنه يحرم على الأمة أن تشرع الأنظمة والقوانين التي تحقق المصالح العامة لها، فيما لا نص فيه!
إلا أن المشكلة ليست في هذا كله، فليست هي في الدساتير، ولا حتى في القوانين الوضعية المصادمة للشريعة مع كونها كفرا، بل المشكلة وراء ذلك كله فهي في تنازع الإرادات، وفي نفوذ إرادة الطاغية والمستبد على الأمة كلها، حتى استطاع أن يكرهها على التحاكم لغير حكم الله، وعجز الأمة في المقابل عن فرض إرادتها، فرأى هؤلاء المصلحون أن العمل السياسي السلمي الدستوري هو أسلم طريق يحقق الإصلاح، دون أن يفضي إلى قتال ودماء، ولم يدركوا بأن الدستور والبرلمان والانتخابات ما لم تكن وراءها إرادة أمة نافذة، وإلا صارت أدوات في يد الطاغية يفرض من خلالها إرادته على الأمة باسمها!
إن هذا هو السبب ذاته الذي جعل فقهاء الأمة قديما يعرفون دار الإسلام بتعريف واحد، وهو (أن تكون الشوكة فيها للمسلمين)،كما هو الحال في المدينة حين هاجر لها النبي - صلى الله عليه وسلم -،لأن الفقهاء لم يتصوروا أصلا أن تكون الشوكة والقوة للمسلمين في أرضهم، ولا

اسم الکتاب : الأحكام الشرعية للثورات العربية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 233
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست