اسم الکتاب : الخلاصة في أحكام التجسس المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 139
وقال الإمام ابن العربي المالكي -رحمه الله -: [وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إذَا كَانَتْ تِلْكَ عَادَتَهُ قُتِلَ لِأَنَّهُ جَاسُوسٌ. وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: يُقْتَلُ الْجَاسُوسُ، وَهُوَ صَحِيحٌ لِإِضْرَارِهِ بِالْمُسْلِمِينَ وَسَعْيِهِ بِالْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ.] (1)
وقال الإمام القرافي -رحمه الله-: [قَالَ الْمَازِرِيُّ إِذَا كَانَ الْجَاسُوسُ مُسْلِمًا فَقِيلَ يُقْتَلُ وَاخْتُلِفَ فِي قَبُولِ تَوْبَتِهِ وَقِيلَ إِنَّ ظُنَّ بِهِ الْجَهْلُ وَكَانَ مِنْهُ الْمَرَّةَ نُكِّلَ وَإِن كَانَ مُعْتَادا قتل] (2)
وكأن الإمام عبد الملك بن الماجشون ومَن قال بقوله نظروا إلى أن التكرر دالٌ على تأكد وثبوت معنى المولاة للكفار والمظاهرة لهم، وهو من الاحتياط في الحكم، أو أن التكرر دالٌّ على بلوغ فساد هذا الشخص (الجاسوس) مبلغاً يُوجِب استئصاله وقطع دابره.
قال القاضي عياض -رحمه الله- في بيان مأخذ هذا القول: [ومن فرق بين المعتاد وغيره رأى أن باعتياده يعظم جرمه، ويشتد ضرره، فيحسن قياسه على المحارب، وإذا كانت منه "الفلتة" لم يحسن قياسها على المحارب] (3)
وعلى كل حال فإن جواسيس العصر يؤدون ما يؤدون بناء على تعاقد وتعاهد بينهم وبين أوليائهم الكفرة، وهي مهنة مصاحبة لهم في حياتهم، وقد تكون هناك بعض الحالات التي يؤدي فيها الجاسوس عملاً واحداً ثم تنتهي مهمته، ولكن ما هو معروف في هذا العصر أن مثل هذه الصور قليلة جداً والله تعالى أعلم.
القول السادس: التوقف وهو عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، والمقصود بتوقفه هو عدم الحكم فيه بالقتل.
ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن الإمام أحمد توقف في حكم الجاسوس المسلم، فبعد أن نقل الخلاف في مسألة بلوغ التعزير للقتل وذكر بعض صور ذلك والتي منها عقوبة الجاسوس المسلم قال -رحمه الله-: [وَأَمَّا مَالِكٌ وَغَيْرُهُ فَحُكِيَ عَنْهُ: أَنَّ مِنْ الْجَرَائِمِ مَا يَبْلُغُ بِهِ الْقَتْلَ. وَوَافَقَهُ بَعْضُ أَصْحَابِ أَحْمَد فِي مِثْلِ الْجَاسُوسِ الْمُسْلِمِ إذَا
(1) - أحكام القرآن لابن العربي ط العلمية (4/ 225)
(2) - الذخيرة للقرافي (3/ 400)
(3) - (إكمال المعلم: 7/ 272)
اسم الکتاب : الخلاصة في أحكام التجسس المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 139