اسم الکتاب : الزواج بنية الطلاق من خلال أدلة الكتاب والسنة ومقاصد الشريعة الإسلامية المؤلف : آل منصور، صالح الجزء : 1 صفحة : 92
أرأيتم لو أن أحدًا خلا بامرأة، فهل نمكنه من ذلك لعله أن يتزوجها؟ ولو أن رجلاً نظر إلى محاسن امرأة، فهل نمكنه من هذه المعصية بحجة أنه ربما يتزوجها؟
إذًا؛ فالأصل في هذا الرجل أنه تزوج المرأة بنية التوقيت، لا بنية الدوام. وكون نيته قد تتغير خلاف الأصل، فنعامله بنيته عند البدء بعقد النكاح، وقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى». وتغير النية أمر نادر وقليل؛ بل الرجل الذي تزوج امرأة بنية الطلاق يبذل كل الأسباب والمحاولات المتيسرة التي تجعلها لا تبقى عنده بعد انتهاء غرضه.
وقول الشيخ رحمه الله: «فأما حدوث نية الطلاق إذا أراد أن يطلقها بعد شهر، فلم نعلم أن أحدًا قال: إن ذلك يبطل النكاح، فإنه قد يطلق وقد لا يطلق عند الأجل، كذلك الناوي عند العقد في النكاح، وكل منهما يتزوج الآخر إلى أن يموت، فلا بد من الفرقة».
قلت: بين نية الطلاق بعد الزواج ونية الطلاق عند عقد النكاح فرق عظيمٌ وبونٌ شاسعٌ:
فالأول: نوى ما أباحه له الشارع، إذ المصلحة والحكمة تقتضي إباحة ذلك، والله عليم حكيم.
والثاني: نيته لا توافق مقاصد الشريعة في الزواج، إذ الأصل في الزواج الدوام والاستمرار، لما في ذلك من المصالح العظيمة والحكم الجليلة الكثيرة، وقد قدمنا الرد على مثل هذا القول.
وكون كل واحد من الزوجين يتزوج الآخر إلى أن يموت، فالفرقة معلومة من الطرفين، هذا أمر لا مناص عنه، وهل تمنع الشريعة مثل هذا الزواج الذي يعلم فيه كل من الطرفين أن الزواج مؤجل إلى فرقة الموت؟ كلا.
اسم الکتاب : الزواج بنية الطلاق من خلال أدلة الكتاب والسنة ومقاصد الشريعة الإسلامية المؤلف : آل منصور، صالح الجزء : 1 صفحة : 92