الذهن، وهو المكان الذي يتخذ للصلاة فيه، فإن كان المراد بالمسجد موضع السجود وهو ما يسع الجبهة فلا يحتاج إلى شيء مما ذكر، لكن قوله: ((بنى)) يشعر بوجود بناء على الحقيقة، ويؤيده قوله في رواية أم حبيبة رضي الله عنها: ((من بنى لله بيتاً)) أخرجه سمويه في فوائده بإسناد حسن ... لكن لا يمنع إرادة الآخر مجازاً إذ بناء كل شيء بحسبه، وقد شاهدنا كثيراً من المساجد في طرق المسافرين يحوطونها إلى جهة القبلة، وهي في غاية الصغر، وبعضها لا تكون أكثر من قدر موضع السجود، وروى البيهقي في الشعب من حديث عائشة نحو حديث عثمان، وزاد: قلت: وهذه المساجد التي في الطرق؟ قال: نعم، وللطبراني نحوه من حديث أبي قرصافة وإسنادهما حسن)) [1].
أما قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من بنى مسجداً لله)) فمعناه: ((أي مخلصاً في بنائه لله تعالى)) [2]. وذكر ابن حجر رحمه الله عن ابن [1] فتح الباري شرح صحيح البخاري، 1/ 545. [2] المفهم لِمَا أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي، 2/ 130.