14 - دعاء القنوت في النوازل في الصلاة المفروضة، قد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قنت عند النازلة شهراً يدعو على قوم، وثبت أنه قنت يدعو لقوم مستضعفين من أصحابه كانوا مأسورين عند أقوام يمنعونهم من الهجرة، فلما زال السبب ترك القنوت، ولم يداوم النبي - صلى الله عليه وسلم - على القنوت في شيء من الصلوات المفروضة: لا الفجر، ولا غيرها، وكذلك خلفاؤه الراشدون كانوا يقنتون نحو هذا القنوت، فما كانوا يداومون عليه، ولكن إذا زال السبب تركوا القنوت، فالسنة القنوت عند النوازل ويُدعى فيها بما يناسب الحال من الدعاء لقوم أو عليهم، أو بما يناسب النازلة [1].
وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قنت في الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء؛ لكن القنوت في الفجر والمغرب آكد [2]، فلما زال السبب ترك القنوت، لزوال سببه، حتى في الفجر، وهذا يؤكد أن دعاء القنوت في الفجر على الدوام في غير النوازل بدعة [3].
ويدل على ما تقدم من مشروعية القنوت في النوازل الأحاديث الآتية:
الحديث الأول: حديث أنس - رضي الله عنه - قال: ((قنت النبي - صلى الله عليه وسلم - شهراً يدعو على رعلٍ وذكوان)) [4]. وفي لفظ لمسلم: ((دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الذين قتلوا [1] انظر: فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 21/ 151 - 156، و23/ 98 - 116، وزاد المعاد، 1/ 172 - 186. [2] انظر: الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية، ص97. [3] ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن المسلمين تنازعوا في القنوت على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن القنوت منسوخ وكله بدعة، فلا يشرع بحال بناءً على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قنت ثم ترك، والترك نسخ للفعل.
القول الثاني: أن القنوت مشروع دائماً، وأن المداومة عليه سنة، ولكن يكون ذلك في الفجر.
القول الثالث: وهو الصحيح، أنه يسن عند الحاجة إليه، كما قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخلفاؤه الراشدون، ثم تركوا عند ارتفاع النوازل، فيكون القنوت مسنوناً عند النوازل، وهو الذي عليه فقهاء الحديث. انظر: الفتاوى، 23/ 99 و105 - 108، وقال - رحمه الله -: ((ولا يقنت في غير الوتر إلا أن تنزل بالمسلمين نازلة، فيقنت كل مصلٍّ في جميع الصلوات، لكنه في الفجر والمغرب آكد، بما يناسب تلك النازلة)). انظر: الاختيارات الفقهية، ص97. [4] متفق عليه: البخاري بلفظه: كتاب الوتر، باب القنوت قبل الركوع وبعده، برقم 1004، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب القنوت في جميع الصلوات إذا نزل بالمسلمين نازلة، برقم 677.