وهذا الذي سمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز - رحمه الله - يرجحه، ويقول: ((أما الآية الكريمة فهي عامة، والحديث خاص، والخاص يقضي على العام ولا يخالفه، كما يُعلم ذلك من أصول الفقه ومصطلح الحديث، لكن لو أقيمت الصلاة وقد ركع الركوع الثاني، أو في السجود أوفي التحيات فإنه لا حرج في إتمامها؛ لأن الصلاة قد انتهت ولم يبق منها إلا أقل من ركعة)) [1]. وقال مرة في موضع آخر: ((لأن أقل الصلاة ركعة ولم يبق إلا أقل منها، فإتمامها لا يخالف الحديث المذكور)) [2].
7 - السنة ترك الرواتب في السفر إلا سنة الفجر والوتر؛ لحديث عاصم بن عمر بن الخطاب، قال صحبت ابن عمر في طريق مكة، قال: فصلى لنا الظهر ركعتين، ثم أقبل وأقبلنا معه حتى جاء رحله، وجلس وجلسنا معه، فحانت منه التفاتة نحو حيث صلى، فرأى ناساً قياماً، فقال: ما يصنع هؤلاء؟ قلت: يسبحون، قال: لو كنت مسبحاً أتممت صلاتي، يا ابن أخي إني صحبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السفر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبت أبا بكر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبت عمر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، ثم صحبت عثمان فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وقد قال الله تعالى: {لقَدْ كانَ لكُم في رسولِ الله أُسوةٌ حسَنةٌ} [3]. أما سنة الفجر، والوتر فلا تترك لا في الحضر ولا في السفر؛
لحديث عائشة رضي الله عنها في سنة الفجر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ((لم يكن يدعهما أبداً)) [4]؛ ولحديث أبي قتادة - رضي الله عنه - في نوم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في السفر عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس، وفيه: ((ثم أذن بلال بالصلاة فصلى [1] مجموع الفتاوى ومقالات متنوعة لابن باز، 11/ 393، 11/ 370 - 372. [2] المرجع السابق، 11/ 394. [3] متفق عليه، البخاري بنحوه، كتاب التقصير، باب من لم يتطوع في السفر دبر الصلاة، برقم 1101، 1102،ومسلم بلفظه، كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة المسافرين وقصرها، برقم 689. [4] متفق عليه: البخاري، برقم 1159، ومسلم، برقم 724، وتقدم تخريجه.