وهذا التابعي الجليل عروة بن الزبير يأمر الأطباء بقطع رجله في الصلاة؛ لأنه لا يشعر بذلك؛ لتعلق قلبه بالله ومناجاته [1].
وهذا الإمام البخاري يلسعه الزنبور في سبعة عشر موضعاً من جسده تحت ثوبه ولم ينصرف من صلاته، ولم ينظر حتى سلَّم من صلاته [2]، وغير ذلك كثير [3].
فمن نظر في خشوع السلف الصالح في صلاتهم جلب له ذلك الخشوع إن كان قلبه سليماً.
السبب الخامس والأربعون: العلم بما ثبت في التحذير من ترك الخشوع، وما ثبت من الترغيب في الخشوع:
مما يُعين على الخشوع معرفة ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من التحذير من ترك الخشوع في الصلاة وسرقتها، والعلم بما ثبت من فضائل الخشوع وفوائده، ومن ذلك على سبيل الإيجاز والاختصار ما يأتي:
أولاً: ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: إخباره بأن أشدّ الناس سرقة الذي يسرق صلاته، فلا يتم ركوعها ولا سجودها [4]، وأن الله لا ينظر إلى صلاة عبدٍ لا يُقيم فيها صلبه بين ركوعه وسجوده [5]، وإن مات وهو لا يُتمّ ركوعه، وينقر في سجوده مات على غير ملة محمد - صلى الله عليه وسلم - [6]، وقد يُصلّي المرء ستين سنة وما قَبِلَ اللَّهُ منه صلاة واحدة؛ لعله يتم الركوع ولا يتم [1] انظر: البداية والنهاية لابن كثير، 9/ 102 - 103، وتقدم في المبحث الخامس عشر. [2] انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي، 12/ 442، ومقدمة فتح الباري لابن حجر، ص480. [3] وقد ذكرت نماذج كثيرة من خشوع السلف الصالح في هذا الكتاب، ص 305، والله الموفق. [4] أحمد، برقم 22642، وابن خزيمة، برقم 663 وتقدم تخريجه في: التحذير من ترك الخشوع في الصلاة. [5] أحمد، برقم 16283، وغيره، وتقدم تخريجه في: التحذير من ترك الخشوع في الصلاة. [6] الطبراني في الكبير، برقم 3840، وابن خزيمة، برقم 665، وتقدم تخريجه في: التحذير من ترك الخشوع في الصلاة.