اسم الکتاب : فقه الابتلاء وأقدار الله المؤلمة المؤلف : البدراني، أبو فيصل الجزء : 1 صفحة : 30
والغالب هو الذنوب والخطايا كما ذكرنا لكن ليس من لازم الابتلاء الوقوع في ذنوب لا يُكفرها إلا الابتلاء فقد يكون للابتلاء أسباب أخرى كما هو حال ابتلاء الأنبياء عليهم السلام وقد قيل أن سبب الابتلاء الرئيسي.
الركن الثاني: وجوب اعتقاد أن كل قضاء للمؤمن هو خيرٌ له وإن كان ظاهره الشر: فإنه قد ثبت في الصحيح (أن الله تعالى لا يقضي للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له).
الركن الثالث: مقاصد الابتلاء للمُكلفين ستة وهي ما يلي:
اعلم أولاً أن كل ابتلاء من الله بلا استثناء لا يخلو من حكمة علمها من علمها وجهلها من جهلها ولكن قد استنبط أهل العلم بعض مقاصد الابتلاء من خلال كتاب الله وسنة نبيه فتارة يكون:
1/ لتكفير الخطايا، ومحو السيئات فيُعاقب المؤمن بالبلاء على بعض الذنوب فتكون في حقه كفارة وعقوبة مخففة ظاهرها القسوة وباطنها الرحمة، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن الرجل ليُحرم الرزق بالذنب يصيبه، ولا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد العمر إلا البر" رواه أحمد، والنسائي، وابن ماجه، وابن حبان، والحاكم، وحسنه السيوطي.، وكما في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "ما يصيب المسلم من هم، ولا حزن، ولا وصب، ولا نصب، ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه" رواه مسلم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في جسده أو في ماله أو في ولده حتى يلقى الله سبحانه وما عليه خطيئة) رواه أحمد في مسنده عن أبي هريرة.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((من يُرد الله به خيراً يُصب منه)). ولذلك؛ فالمؤمن ينظر إلى الابتلاء أنه نعمة ورحمة من اللَّه على عباده، يتعهدهم بالابتلاء المرة بعد المرة؛ لينقيهم، ويطهرهم، ويذهب عنهم رجز الشيطان، ويربط على قلوبهم، ويُثبَت به الأقدام, وكذلك ينظر إليه أنه دليل رضى ومحبة من اللَّه لعباده؛ فإن اللَّه إذا أحب عبداً ابتلاه، لا لحبه لابتلاء عبده بل لما في هذا الابتلاء من عواقب حميدة قد يجهلها العبد نفسه , وكلما صلب إيمان المرء وقوي يقينه؛ اشتد بلاؤه، فمن رضي؛ فله الرضى، والعكس بالعكس, وهنا معلومة مهمة وهو أن الابتلاء وإن كان لتكفير الخطايا، ومحو السيئات إلا أنه مُتضمَن لرفع الدرجات بطريق اللزوم.
2/ وتارة يكون لرفع الدرجات، وزيادة الحسنات، كما قال عليه الصلاة والسلام: إذا سَبَقَتْ للعبدِ من الله مَنْزِلَة لم يَبْلُغْهَا بِعَمَلِه ابتلاه الله في جسده أو في ماله أو في ولده، ثم صَبَّرَه حتى يُبَلِّغَه المنْزلة التي سَبَقَتْ له منه. رواه الإمام أحمد.
اسم الکتاب : فقه الابتلاء وأقدار الله المؤلمة المؤلف : البدراني، أبو فيصل الجزء : 1 صفحة : 30