responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فقه الابتلاء وأقدار الله المؤلمة المؤلف : البدراني، أبو فيصل    الجزء : 1  صفحة : 31
وكما هو الحال في ابتلاء الله لأنبيائه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل ... فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة" رواه البخاري. قال العلماء: يُبتلى الأنبياء لتُضاعف أجورهم، وتتكامل فضائلهم، ويظهر للناس صبرهم ورضاهم فيُقتدى بهم، وليس ذلك نقصاً ولا عذاباً. انتهى. وبعض الناس يظن أن هذا الذي يُصاب بالأمراض ونحوها مغضوب عليه وليس الأمر كذلك فإنه قد يُبتلى بالمرض والمصائب من هو من أعز الناس عند الله وأحبهم إليه كالأنبياء والرسل وغيرهم من الصالحين كما تقدم , وكما حصل لنبينا صلى الله عليه وسلم في مكة وفي يوم أحد وغزوة الأحزاب وعند موته صلى الله عليه وسلم وكما حصل لنبي الله أيوب عليه الصلاة والسلام، ولنبي الله يونس عليه الصلاة والسلام، وذلك ليرفع شأنهم ويعظم أجورهم وليكونوا أسوة صالحة للمبتلين بعدهم.
3/ وتارة يقع البلاء لتمحيص المؤمنين، وتمييزهم عن المنافقين، فلا بد أن يمتحن اللَّه أهل الإيمان ويبتليهم حتى يميز الصادق من الكاذب، هذا وإن كان الله يعلم من هم أهل الإيمان ومن هم أهل الكفر والنفاق قبل أن يخلق الخلق سبحانه ولكن ليُقيم الحجة على الخلق , ولذلك اقتضت حكمة اللَّه -تعالى- البالغة أن نَصَبَ الابتلاء سبباً مُفضياً إلى تمييز الخبيث من الطيب، والشقي من السعيد، ومن يصلح مما لا يصلح.
قال تعالى: {ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب} [آل عمران: 179] , ويخلص الصادق من الوهن البشري الذي لا تسلم منه نفس بشرية؛ فتسمو همته فوق الألم فيدرك أنه جسر إلى المعالي.
لا تحْسبنّ المجد تمراً أنت آكله ... لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
ويُبتلى المرء على قدر دينه، كلما اشتد إيمانه عظم ابتلاؤه، حتى يخلص من شرور نفسه وسيئات أعماله، ويطهر طيب نفسه بكير الامتحان؛ كالذهب الذي لا يخلص ولا يصفو من غشه إلا بكير النيران وقال تعالى: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) [العنكبوت:2 - 3]. فيبتلي الله عباده ليتميز المؤمنون الصادقون عن غيرهم، وليُعرف الصابرون على البلاء من غير الصابرين , وإذا قلنا بأن الابتلاء يكون أحياناً اختباراً يُعرف به الصابرون ويتميزون عن غيرهم، فليس معناه أن الله تعالى يجهل حال هؤلاء المُبتلين -حاشاه من ذلك- وإنما معناه أن يظهر على المرء لنفسه ولغيره من بني جنسه ما هو عليه من رضا بقضاء الله فيُثاب على ذلك، أو من سخط لذلك فيُحاسب أي على حسب ما ظهر منه.
4/ وتارة يقع البلاء بالمؤمن رحمة به وحماية له من أضرار الدنيا وفتنها, فالله

اسم الکتاب : فقه الابتلاء وأقدار الله المؤلمة المؤلف : البدراني، أبو فيصل    الجزء : 1  صفحة : 31
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست