اسم الکتاب : الإفصاح عن معاني الصحاح المؤلف : ابن هُبَيْرَة الجزء : 1 صفحة : 360
* هذا الحديث يدل على شرف سعد وعلو منزلته، لأن الله تعالى أنزل هذه الآيات في شأنه، فاستمرت أحكامها باقية إلى يوم القيامة تعود عليه بركتها، ويناله من خيرها، فمن بركة هذه القصة أن الله تعالى أفتى فيها حيث كانت الوصاة قد تقدمت منه سبحانه ببر الوالدين وتتابعت، وكان حق الله عز وجل أولى في عبادته، فلما اعترض هذا الحق المؤكد ما هو أوكد منه لم يكن له فضل إلا ما أنزل الله سبحانه وتعالى لأنه شرح الحال قال: {ووصينا الإنسان بوالديه حسنًا} فأخبر سبحانه أن وصاته سبقت.
وقوله: {وإن جاهداك} المعنى وقلنا له: وإن جاهداك، والخطاب بقوله {وإن جاهداك} تأكيد لأجل المخاطبة، والمعنى وإن ألزماك أن تشرك بي ما ليس لك به علم، أي ما ليس عليه علم؛ لأنه لا دليل على الشرك.
وقوله: {فلا تطعها} دليل على قرنه برهما؛ لأنه لم يقصد: فأعصهما، ولا فأهنهما، وإنما إذا اأمتنع المرفق بهما فلا تطعهما، ثم عاد فأوصى بها فقال: {وصاحبهما في الدنيا معروفًا} وذلك لأن صحبتهما بالمعروف تخرج أن يكون هجرانك لهما عن شيء راجع إليك، ولا من أجل أنهما كانا قد حرماك ما لهما أو قد منعاك رفقهما أو غير ذلك، وإنما يكون إعراضك عنهما لأجل الله سبحانه وتعالى بالحد الذي حده من أنك لا تطيعهما في الشرك.
وأما القصة الثانية فإن فيها من الفقه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (17/ أ) أدبه في المرة الأولى، وأنه لم يكن لسعد أن يأخذ على يده من المغنم شيئًا ثم يقول: (نفلني هذا) لأنه يكون هو الذي نفل نفسه، ولو رخص لسعد ذلك لكان يكون داعيًا إلى تفريق الأنفال قبل القسمة، فلما عاوده في المرة الثانية بعد ذلك الثانية بعد ذلك شد عليه صوته؛ لأنه كان في المرة الأولى معذورًا من حيث ظن جواز ذلك، فلما عاد بعد النهي أوجب ذلك أن شد عليه صوته بالإنكار، ولما علم الله عز وجل أن الحاسم
اسم الکتاب : الإفصاح عن معاني الصحاح المؤلف : ابن هُبَيْرَة الجزء : 1 صفحة : 360