وراءها ولا عمل عليها.
والثاني: أنهم كانوا مدة حياتهم وإلى أن ماتوا يفتتحونها بالحمد لله، وعلى هذا المعنى قوله -عز وجل- {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} و {كَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} وأمثال ذلك مما جاء في القرآن؛ لم يرد أنه كان ثم زال.
و"افتتاح القراءة": هو الابتداء بها، ويريد بها قراءة الصلاة وقد جاء ذلك مصرحًا به في رواية مسلم ومالك وإحدى روايتي النسائي.
وقوله: "يفتتحون بالحمد لله رب العالمين" يريد سورة الفاتحة لا سورة أخرى، كما يقال: قرأت البقرة وآل عمران وغيرهما من السور بذكر أسمائها، فأراد أراد أنس أن يعرف الناس أنهم كانوا يفتتحون الصلاة بهذه السورة -ومن أسمائها سورة الحمد- وحينئذ تدخل البسملة فيها ولا يحتاج إلى أن يذكرها؛ لاسيما عند من قال: إنها آية منها.
وهذا يوضح ما فسره الشافعي من معنى قول أنس كما رواه.
ويجوز أن يكون المعنى: أنهم كانوا يفتتحون بالحمد ويخفون البسملة؛ فالسامع إنما روى ما سمع؛ فليس في كونه لم يسمعها دليل على إسقاطها من التلاوة.
والذي جاء في رواية مالك ومسلم الواحدة: "أنهم كانوا لا يقرأون بسم الله الرحمن".
فقد تقدم بيان مخالفة أكثر رواة الحديث لهذه الرواية، وإنما لم تجئ إلا من هذا الوجه، فترجح ما كثر رواية أولى وأحرى.
وقوله: "فكلهم كان لا يقرأ" يجوز في رد الضمير إلى كل وجهان: تارة مفردًا، وتارة جمعًا، تقول: كل الرجال قام ردًّا إلى اللفظ، وكلهم قاموا ردًّا إلى المعنى، وعليه -قوله تعالى-: