قال الشافعي في رواية حرملة عنه: ولأنه توضأ ثلاثًا ثلاثًا قال: "فمن زاد على هذا فقد أساء وظلم" أَمّا الإساءة فلأنه وضع الشيء في غير موضعه.
وقال أبو حنيفة، ومالك، والثوري، وأحمد، وأبو ثور: لا يستحب التكرار في مسح الرأس بماء جديد، وبه قال الحسن ومجاهد.
وقد جمع هذا الحديث من أحكام الوضوء، وفروضه، وسننه: الابتداء بغسل اليدين، والمضمضة، والاستنشاق والاستنثار، وغسل والوجه، واليدين، ومسح الرأس واستيعابه، وغسل الرجلين، والترتيب، والتكرار، إلا أن في [روايات] [1] الحديث قد اختلف في التكرار، ففي بعضها "ثلاثًا ثلاثًا"، وفي بعضها "مرتين، مرتين" وفي بعضها "مرة مرة"، وهذا دليل على أن التكرار ليس بواجب، وأن الواجب المرة الواحدة لا غير.
وأخبرنا الشافعي، أخبرنا عبد العزيز بن محمد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء ابن يسار، وعن ابن عباس قال: "توضأ رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - فأدخل يده في الإناء، فاستنشق، ومضمض مرة واحدة، ثم أدخل يده وصب على وجهه مرة، وصب على يده مرة، ومسح رأسه وأذنيه مرة واحدة".
هذا حديث صحيح أخرجه البخاري [2]، وأبو داود [3]، والنسائي [4]، إلا أنهم أخرجوه باختلاف ألفاظهم، وزيادة فيه من طرق كثيرة. [1] ما بين المعقوفتين بالأصل [آيات اللَّه] ولا وجه لوضعها هنا وأظنها سهوًا من الناسخ، والذي يبدو لي أنه ضرب عليها لكنه لم يصوب في الحاشية، وما أثبتناه هو الأقرب إلى الشكل والسياق. [2] البخاري (140) ولفظه: "أنه توضأ فغسل وجهه، أخذ غرفة من ماء فمضمض بها واستنشق، ثم أخذ غرفة من ماء فجعل بها هكذا أضافها إلى يده الأخرى فغسل بهما وجهه، ثم أخذ غرفة من ماء فغسل بها يده اليمنى، ثم أخذ غرفة من ماء فغسل بها يده اليُسرى، ثم مسح برأسه، ثم أخذ غرفة من ماء فَرَشَّ على رجله اليمنى حتى غسلها، ثم أخذ غرفة أخرى فغسل بها رجله -يعني: اليسرى- ثم قال: هكذا رأيت رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ". [3] أبو داود (137، 138) في الموضع الأول بنحو سياق البخاري، والموضع الثاني مختصرًا جدًّا. [4] النسائي (1/ 74) بنحو رواية البخاري.