والذي في هذا الحديث من الأحكام؛ التي لم ترد في حديث عبد اللَّه بن زيد وضوؤه مرة مرة؛ لكل أعضائه المذكورة في الحديث، وذلك هو الفرض الذي لا تصح الصلاة إلا به.
والثاني: أنه أدخل يده في الإناء، ولم يذكر أنه غسلهما قبل إدخاله إياها الإناء، فهذا دليل على بطلان من أوجب غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء، اللهم إلا أن يقال: إنه لم يذكر في هذا الحديث، أنه كان عند الانتباه من النوم.
والثالث: أنه استنشق ومضمض من كف واحدة، ويجوز أن يكون قوله "استنشق ومضمض مرة واحدة" أنه فعل ذلك من كفين.
وفيه دليل على جواز تقديم الاستنشاق على المضمضة، لأنه عَقَّبَ إدخاله يده الإناء بالاستنشاق بالفاء، ثم عطف عليه المضمضة.
وقوله "واحدة" تأكيد لمرة، كقوله تعالى {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [1].
وقوله "صب على يديه مرة واحدة" يريد: على كل واحد من يديه يكون في [...] [2]. [1] النساء: (171). [2] هنا وقع سقط بالمخطوط كما هو ملاحظ وظني أن السقط لا يتعدى ورقتين إن لم يكن ورقة ويشرع المصنف الآن في شرح حديث من المسند وأنا أسوق الحديث كاملًا ليفهم الشرح.
قال الشافعي:
أخبرنا يحيى بن سليم، حدثني أبو هاشم إسماعيل بن كثير، عن عاصم بن لقيط بن صبرة، عن أبيه، قال: كنت وافد بني المنتفق -أوفي وفد بني المنتفق- فأتينا فلم نصادفه، وصادفنا عائشة، فأتينا بقناع فيه تمر -والقناع: الطبق- وأمرت لنا بحريرة فصنعت، ثم أكلنا، فلم نلبث أن جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: هل أكلتم شيئًا؟ هل أمر لكم بشيء؟ فقلنا: نعم، فلم نلبث أن دفع الراعي غنمه فإذا بسحلة تيعر، فقال: هيه يا فلان، ما ولدت؟ قال: بهمة، قال فاذبح لنا مكانها شاة،
ثم انحرف إليَّ وقال: لا تحسبَن -ولم يقل: لا تحسبن- أنا من أجلك ذبحناها, لنا غنيم مائة، لا نريد أن نزيد فإذا أولد الراعي بهمة ذبح مكانها شاة، فقلت: يا رسول اللَّه! =