قال الشيخ: محمل ذلك على أنه - صلى الله عليه وسلم - أوحى الله إليه بذلك وأعلمه الله أنه متى واظب على فعل مثل هذا فُرِض على أمته فأشفق عليه السلام علي أمته وكان - صلى الله عليه وسلم - كما قال الله عز وجل: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [171].
287 - [172] - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "قَدْ أجَرْنَا مَنْ أجَرْتِ يَا أمَّ هَانِىء" (ص 498).
هذا محتمل أن يريد به الخبر أن حكم الله تعالى أن من أجرته مجار، ويحتمل أن يكون رأيًا رآه في إنفاذ جوارها وحكماً ابتدأه من قِبَلِهِ - صلى الله عليه وسلم - وقضى به في تلك النازلة. وعلى المراد بهذا اللفظ جرى الخلاف فيمن أجاره أحد من المسلمين هل يمضي ذلك على الإِمام ولا يكون له نقض جواره أم لا؟
ومن هذا النمط قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من قتل قتيلاً فله سَلَبُه" [173] هل هو إخبار عن الحكم أو ابتداء حكم في هذه القضية؟ وعلى هذا جرى الخلاف بيننا وبين الشافعي في القاتل هل يستحق السَّلَب حكماً أو حتى ينفله إياه الإِمام إن شاء.
288 - [174] - قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف في العدد الذي يجمع من الركعات في الصلاة النافلة من غير فصل. فقال مالك: لا يجمع أكثر من ركعتين. وقال أبو حنيفة: يصلى اثنتين إن شاء أو أربعاً أو ستاً أو ثمانيا ولا يزيد على الثمان، فاعتمد مالك على حديث "مثنى مثنى"، وعلى حديث ابن عباس حين بات عند خالته ميمونة رضي الله عنهما. وقدم ذلك [171] (128) التوبة. [172] بهامش (أ) "حديث أم هاني". [173] الحديث أخرجه مسلم في باب استحقاق القاتل سَلَب القتيل (ص 1371). [174] بهامش (أ) "قيام الليل".