اسم الکتاب : ذخيرة العقبى في شرح المجتبى المؤلف : الإتيوبي، محمد آدم الجزء : 1 صفحة : 339
لا واجبة، وقول الراوي: فيما لم يؤمر فيه بشيء، أي لم يطلب منه، والطلب يشمل الوجوب والندب، وأما توهم النسخ في هذا فليس بشيء لإمكان الجمع بل يحتمل أن لا يكون الموافقة والمخالفة حكمًا شرعيا إلا من جهة المصلحة، قال: ولو كان السدل منسوخا لصار إليه الصحابة، أو أكثرهم، والمنقول عنهم أن منهم من كان يفرُق، ومنهم من كان يسدل، ولم يعب بعضهم على بعض، وقد صح أنه كانت له - صلى الله عليه وسلم - لمَّه فإن انفرقت فرقها، وإلا تركها، فالصحيح أن الفرق مستحب، لا واجب، وهو قول مالك.
قال الحافظ: وقد جزم الحازمي بأن السدل نسخ بالفرق، واستدل برواية معمر التي أشرت إليها قبلُ، وهو ظاهر، يعني قوله: وكان إذا شك في أمر لم يؤمر فيه بشيء صنع ما يصنع أهل الكتاب، وقال النووي: الصحيح جواز السدل والفرق، قال: واختلفوا في قوله: يحب موافقة أهل الكتاب فقيل: للاستئلاف كما تقدم، وقيل: المراد إنه كان مأمورا باتباع شرائعهم فيما لم يوح إليه بشيء، وما علم أنهم لم يبدلوه، واستدل به بعضهم على أن شرع من قبلنا شرع لنا حتى يَردَ في شرعنا ما يخالفه، وعكس بعضهم فاستدل على أنه ليس بشرع لنا لأنه لو كان كذلك لم يقل يحب بل كان يتحتم الاتباع، والحق أن لا دليل في هذا على المسألة لأن القائل به يقصره على ما ورد في شرعنا أنه شرع لهم لا ما يؤخذ عنهم هم، إذ لا وثوق بنقلهم، والذي جزم به القرطبي أنه كان يوافقهم لمصلحة التأليف محتمل، ويحتمل أيضا، وهو أقرب أن الحالة التي تدور بين الأمرين لا ثالث لهما إذا لم ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء كان يعمل فيه بموافقة أهل الكتاب لأنهم أصحاب شرع بخلاف عَبَدَة الأوثان، فإنهم ليسوا على شريعة، فلما أسلم المشركون انحصرت المخالفة في أهل الكتاب فأمرهم بمخالفتهم.
اسم الکتاب : ذخيرة العقبى في شرح المجتبى المؤلف : الإتيوبي، محمد آدم الجزء : 1 صفحة : 339