responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن المؤلف : الطيبي    الجزء : 2  صفحة : 526
بالخير وتصديق بالحق. فمن وجد ذلك؛ فليعلم أنه من الله، فليحمد الله، ومن وجد الأخرى؛ فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم)) ثم قرأ: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الفَقْرَ ويَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ}. رواه الترمذي، وقال: هذا حديث غريب. [74]
ـــــــــــــــــــــــــــــ
((اللمة)) الهمة تقع في القلب، والإيعاد في اللمتين من باب الإفعال، والوعيد في الاشتقاق كالوعد، إلا أنهم خصوا الوعد بالخير، والوعيد بالشر. ولما كان المبتدأ بذكره في هذا الحديث ((لمة الشيطان)) ذكره بلفظ الإيعاد ثم أجرى الوعد بالخير مجرى الأول اتباعا ومشاكلة.
أقول: والأظهر أن الحديث والآية المستشهد بهما جاريان على الاستعمال اللغوي؛ لما نيط بكل واحد ما لا يلبس على السامع المراد، فاستعمل في الحديث بالإفعال، وفي الآية بفعل، نعم! لو أطلق ميز بينهما. وتطبيق الآية على الحديث، هو أن يقال: خصت ((لمة الشيطان)) بالفقر وهو الحاجة، وأصله كسر الفقار، وبالأمر بالفحشاء، وهما تفسيران للشر، وخصت ((لمة الملك)) بوعد المغفرة، وبوعد الفضل، وهما المعنيان بالخير، وقوبل الفقر بالفضل، والأمر بالفحشاء بالمغفرة، نبه سبحانه وتعالى على ما عسى أن يمنع المكلف من الإنفاق والبذل، والعصمة من الذنوب، من تسويل الشيطان، وإغوائه النفس الأمارة خوف الفقر والإعدام، وتزيينه المعاصي والفواحش، ثم [ذيله] بما هو العمدة فيه، وهو قوله: {واللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ} المشتمل على سعة الإفضال والغفران، ووفور العلم بأحوال العباد ومصالحهم، وما هو خير لهم في الدارين؛ ليكون تمهيدا لذكر ما هو أجل المواهب وأسنى المطالب، من إيتاء الحكمة، ومعرفة مكائد النفس الأمارة، وخطرات الشيطان، ومعرفة لمة الملك ولمة الشيطان، فعند ذلك يتنبه الطالب على أمر خطير، فاضطر إلى السؤال بلسان الحال – إلى أن قال – هذه الموهبة عامة، أو هي مختصة ببعض دون بعض، فنودي من سرادقات الجلال {يُؤْتِي الحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ} أي خصه الله تعالى بالحكمة، ووفقه للعلم والعمل، ثم أبتعه بقوله: {ومَا يَذَّكَّرُ إلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} [تعريضا] بمن لا يتفطن بهذا البيان الشافي، ولم يفرق بين اللمتين، ووهم أن الحكمة غير العلم والعمل.
وبهذا الاعتبار قال شيخنا شيخ الإسلام أبو حفص السهرودي قدس الله سره: إنما يطلع على معرفة اللمتين وتمييز الخواطر طالب مريد يتشوق لذلك تشوق العطشان إلى الماء لما يعلم من موضع ذلك، وخطره، وصلاحه، وفساده. وليعلم أن الخواطر بمثابة البذر، فمنها ما هو بذر السعادة، ومنها ما هو بذر الشقاوة، وسبب اشتباه الخواطر أربعة أشياء لا خامس لها: إما ضعف

اسم الکتاب : شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن المؤلف : الطيبي    الجزء : 2  صفحة : 526
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست