responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن المؤلف : الطيبي    الجزء : 2  صفحة : 479
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لكن أمره إلى الله، إن شاء عفى عنه وأدخل الجنة، وإن شاء عذبه بقدر ذنوبه ثم أدخله الجنة
بفضله. قال ابن مالك: حرف الاستفهام في قوله: (وإن زنى) مقدر، ولا بد من تقديره (شف):
تقديره: أو إن زنى أو إن سرق دخل الجنة؟
(قض): (رغم) لصق بالرغام _ بالفتح _ وهو التراب، ويستعمل مجازا بمعنى كره أو ذل،
إطلاقا لا سم السبب على المسبب، وفي الحديث دليل على أن الكبائر لا تسلب اسم الإيمان؛ فإن
من ليس بمؤمن لا يدخل الجنة وفاقا، وأنها لا تحبط الطاعات؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - عمم الحكم ولم
يفصل، فلو كانت الكبائر محبطة على طريق الموازنة أو غيره لزم أن يبقى لبعض الزناة شيء
من الطاعات، والقائل بالإحباط يحيل دخول الجنة لمن هذا شأنه، وأن أربا الكبائر من أهل
القبلة لا يخلدون في النار.
أقول _ والعلم عند الله _: لعل ذكر الثوب الأبيض والنوم والاستيقاظ ثم إيراد الحديث بحرف
التعقيب إشارة إلى حصوله (صلوات الله عليه وسلامه) في عالم الغيب، واستعداده لفيض الله
عليه حينئذ بالوحي، وتخصيص الثوب الأبيض إيماء إلى قوله (تعالى): (يا أيها المدثر قم فأنذر
وربك فكبر وثيابك فطهر) نعم! في الآية إشارة إلى الإنذار، وفي الحديث إلى البشارة، أي
قم فبشر عبادي الذين آمنوا بالجنة. ومعنى (ثم) في قوله: (ثم مات) التراخي في الرتبة، كقوله
تعالى: (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا)، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (قل آمنت بالله ثم استقم) وقد
مر بيانه. والاستثناء مفرغ، أي ما من عبد آمن وثبت عليه يكون له حال من الأحوال إلا حال
دخول الجنة، ولعل تقدير الاستفهام أن يقال: أدخل الجنة وإن زنى وإن سرق؟ والشرط حال،
ولا يذكر الجواب مبالغة تتميما بمعنى الإنكار في الكلام السابق.
وأما تكرير أبي ذر فلاستعظام شأن الدخول مع مباشرة الكبائر وتعجبه منه، وتكرير رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - إنكار له على استعظامه، أي أتبخل يا أبا ذر برحمة الله؟ فرحمة الله واسعة على خلقه
وإن كرهت ذلك؛ فقد قال الله تعالى: (قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من
رحمة الله) الآية، وهو الزنى، أو حق العباد، وهو أخذ مالهم بغير حق. وفي تكريره أيضا معنى الاستيعاب
والعموم، كقوله تعالى: (ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا) أي دائما. وأما حكاية أبي ذر قول
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رغم أنف أبى ذر) فللشرف والافتخار.
ــــــــــــــــــــــ

اسم الکتاب : شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن المؤلف : الطيبي    الجزء : 2  صفحة : 479
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست