responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن المؤلف : الطيبي    الجزء : 2  صفحة : 477
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و (الذي جاء بالصدق وصدق به) أي حقق ما أورده قولا لما تحراه فعلا، فعلى هذا التقدير
تخصيص النهي في قوله: (لا تبشر) مخصوص ببعض الناس، دون بعض فإن مثل هذا المعنى
لا يدركه إلا الراسخ في العلم، ويعضده حديث أبي هريرة (رضي الله عنه) الذي يورده في
الفصل الثالث من هذا الكتاب، وهو قوله: (من لقيت يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه
فبشره بالجنة) وفيه أنه منع عمر (رضي الله عنه) أبا هريرة عن التبشير، فعلم أن المراد
بالتخصيص ما ذكره؛ إذ لو لم يكن يرد ذلك لم يخبر معاذا وأبا هريرة وأنسا وعمر (رضي الله
عنهم) وأمثالهم، واحتج به محمد بن إسماعيل وبمثله أن يخص العالم بالعلم قوما دون قوم؛
كراهة أن لا يفهموا.
ثم بعد تأويل الحسن قول من قال: الحديث كان في بدء الإسلام في وقت لم يجب فيه شيء
من الأركان؛ فحينئذ يكون قد أتى بما يجب عله فحومه الله على النار، وأما بعد وجوب الأركان
فلا يكون ذلك كافيا في الخلاص، ويؤيده ما روى البخاري عن عائشة (رضي الله عنها)
قالت: (إنما نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء (لا تشربوا الخمر) لقالوا: لا ندع الخمر
أبدا، ولو نزل: (لا تزنوا) لقالوا: لا ندع الزنى، ولقد نزل بمكة على محمد - صلى الله عليه وسلم - (بل الساعة
موعدهم والساعة أدهى وأمر) وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده).
قال بعض المحققين: قد يتخذ أمثال هذه الأحاديث المبطلة والمباحية ذريعة إلى طرح
التكاليف، ودفع الأحكام، وإبطال الأعمال، معتقدين بأن الشهادة وعدم الإشراف كاف، وربما
يتمسك بها المرجئة. وهذا الاعتقاد يستلزم طي بساط الشريعة، وإبطال الحدود والزواجر
السمعية، ويوجب أن يكون التكليف بالترغيب في الطاعات والتحذير عن المعاصي والجنايات
غير متضمن طائلا، وبالأصل باطلا، بل يقتضي الانخلاع عن ربقة الدين والملة، والانسلال عن
قيد الشريعة والسنة، والخروج عن الضبط، والولوج في الخبط، وترك الناس سدى مهملين
يموج بعضهم في بعض معطلين من غير مانع ولا دافع، وذلك يفضي إلى خراب الدنيا بعد أن
أفضى إلى خراب العقبى. والمتثبت بهذا الحديث ونظيره ساقط، وعن معارج القدس إلى
حضيض النفس لا قط، مع أن قوله: (يعبدوه) يتضمن جميع أنواع التكاليف الشرعية، وقوله: (لا
تشركوا) يشمل كلا قسمي الشرك: الجلي، والخفي.
قال أهل التحقيق: العبادة لها ثلاث درجات: الأولى: أن يعبد الله طمعا في الثواب، وهربا
من العقاب، وهذا المسمى بالعبادة، وهذه الدرجة نازلة جدا؛ لأن معبوده في الحقيقة هو ذلك
ــــــــــــــــــــــــــــ

اسم الکتاب : شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن المؤلف : الطيبي    الجزء : 2  صفحة : 477
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست