responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن المؤلف : الطيبي    الجزء : 2  صفحة : 476
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) (قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة
الله إن يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم) ومن السنة هذه الأحاديث المذكورة.
وإذا تقرر هذا فقول الشيخ: (هذه التأويلات إنما هي إذا حملت على ظاهرها) يريد
بالظاهر ظاهر الحال المتعارف بين الناس، وبقوله: (وأما إذا نزلت منازلها فلا يشكل) يعني أن
ينزل كل حديث على ما هو عليه عند الله تعالى نظرا إلى مشيئته وإرادته، وأنه يفعل ما يشاء،
ولا مجال للعقل أن يتصرف فيما يريد ويفعل.
وأشكل الأحاديث تنزيلا، وأصعبها عند الناس _ وهو عند الله هين _ هو قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يلقى
الله تعالى بهما عبد شاك فيهما إلا دخل الجنة وإن زنى وسرق). فإن قيل: أليس
قوله: (ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله إلا حرمه الله على النار) أشكل
منه؛ لأنه أتى فيه بأداة الحصر، ومن الاستغراقية، ولم يقل: (دخل الجنه) بل (حرم) فإن دخول
الجنة قد يكون بعد دخول النار؟ فالجواب: لا؛ لأنه غير مقيد بقوله: (وإن زنى وإن سرق) لأنه
شرط بمجرد التأكيد، ولا سيما كرر ثلاث مرات، وختم بقوله: (وإن رغم أنف أبي ذر) تتميما
للمبالغة، وهذا الحديث مطلق يقبل قيداً أيضا. وقوله (وإن زنى وإن سرق) وكل ذلك على أنه
تعالى بمحض مشيئته وإرادته وفضله يعامل العباد، ولعل ورود المنع من تبشير معاذ أنه من
الأسرار الإلهية، لا يجوز كشفها وإذاعتها عند العامة، ولا يبعد أيضا أن يقال: إن نداء الرسول
- صلى الله عليه وسلم - معاذ ثلاث مرات كان للتوقف في إفشاء هذا السر عليه أيضا.
ومنه حديث أبي هريرة (رضي الله عنه): قال: (حفظت من رسول الله وعانين، فأما أحدهما
فبثتته فيكم، وأما الآخر فلو بثتته قطع هذا البلعوم) رواه البخاري، وقال: (البلعوم مجرى الطعام)
والله أعلم، وأحسن التأويلات ما ذهب إليه الحسن.
وتقول في هذا الحديث الذي نشرحه: هو من جوامع الكلم نحو قوله تعالى: (إن الذين
قالوا ربنا الله ثم استقاموا) وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (قل آمنت بالله ثم استقم) وقد سبق بيانه، فإن صدقا
هنا أقيم مقام الاستقامة؛ لأن الصدق كما يعبر به قولا عن مطابقة المقول الضمير والمخبر عنه
وعليه كلام الراغب، قد يعبر فعلا عن تحري كل أفعال كاملة، وأخلاق مرضية، وتحقيقها،
قال الله تعالى: (أن لهم قدم صدق عند ربهم) و (في مقعد صدق عند مليك مقتدر)
ــــــــــــــــــــــــــ

اسم الکتاب : شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن المؤلف : الطيبي    الجزء : 2  صفحة : 476
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست