اسم الکتاب : فتح المنان شرح وتحقيق كتاب الدارمي أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن المؤلف : الغمري، نبيل الجزء : 1 صفحة : 236
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
= رضي الله عنه: لست كهيئتكم، أو قال: لست مثلكم إني أظل يطعمني ربي ويسقيني، وفي رواية أخرى: إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني، قال الشيخ أحمد القسطلاني في المواهب: قال الجمهور: هو مجاز عن لازم الطعام والشراب وهو القوة، فكأنه قال: يعطيني قوة الآكل الشارب، ويفيض عليّ ما يسد مسد الطعام والشراب، ويقوي على أنواع الطاعة من غير ضعف في القوة، أو المعنى: إن الله يخلق فيه من الشبع والري، ما يغنيه عن الطعام والشراب، فلا يحس بجوع ولا عطش، قال: والفرق بينه وبين الأول أنه على الأول يعطي القوة من غير شبع ولا ري، بل مع الجوع والعطش، وعلى الثاني: إنه يعطي القوة مع الشبع والري. اهـ. باختصار.
قلت: وأحاديث نزول الوحي وما يحصل له فيها، وكذلك أحاديث شجاعته عند اللقاء ومصارعته لركانة، وأبي الأسود الجمحي، ووصاله في الصوم، وطوافه على نسائه في الساعة الواحدة، وقصة الِإسراء والمعراج، وما عاينه فيها، أدلة على ما تقدم.
وقوله: ولا كسيل، أي بل هو حريص عليكم كما قال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ ...} الآية، ومعلوم أن الذي يحرص على الشيء يكون معتن به غاية الاعتناء، فيصرف جل اهتمامه وجهده وعزمه لبلوغه، فكان - صلى الله عليه وسلم - يحرص على أن يؤمن جميع أفراد أمته، وكان يهتم ويغتم إذا رأى الإعراض منهم، فكان يدعو ويقول: اللهم اغفر لقومي أو اهد قومي فإنهم لا يعلمون، وقد أخبرنا الله تعالى في كتابه العزيز عن ذلك كله فقال: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (99)}، وقال تعالى: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (33)}، ويقول أيضًا {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103)}، والآيات في هذا المعنى كثيرة جدًّا والله أعلم. =
اسم الکتاب : فتح المنان شرح وتحقيق كتاب الدارمي أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن المؤلف : الغمري، نبيل الجزء : 1 صفحة : 236