اسم الکتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية معالم وضوابط - ط الوفاء المؤلف : القرضاوي، يوسف الجزء : 1 صفحة : 88
وقد أجابوا عن هذا بعدة أجوبة: ـ
أ - فالإمام الحسن البصري حمل الحديث على الأكثر الأغلب , فقد سئل عن عمر بن عبد العزيز بعد الحجاج , فقال: «لاَ بُدَّ لِلْنَّاسِ مِنْ تَنْفِيسٍ!».
ب - وجاء عن ابن مسعود - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - من قوله: «لاَ يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلاَّ وَهُوَ شَرٌّ مِمَّا كَانَ قَبْلَهُ ... أَمَا إِنِّي لاَ أَعْنِي أَمِيرًا خَيْرًا مِنْ أَمِيرٍ وَلاَ عَامًا خَيْرًا مِنْ عَامٍ وَلَكِنْ عُلَمَاؤُكُمْ وَفُقَهَاؤُكُمْ يَذْهَبُونَ ثُمَّ لاَ تَجِدُونَ مِنْهُمْ خَلَفًا وَيَجِيءُ قَوْمٌ يُفْتُونَ بِرَأْيِهِمْ»، وفي لفظ عنه: «فَيَثْلِمُونَ الإِسْلاَمَ وَيَهْدِمُونَهُ» ورجح الحافظ في " الفتح " تفسير ابن مسعود لمعنى الخيرية والشرية هنا , قائلاً: «وَهُوَ أَوْلَى بِالاِتِّبَاعِ».
ولكنه في الواقع لا ينفي الاستشكال من أساسه , فالنصوص تدل على أن في الغيب أدوارًا للإسلام ترتفع فيها رايته وتعلو كلمته , ولو لم يكن إلا زمن المهدي والمسيح في آخر الزمان لكفى.
والتاريخ يثبت أنه قد جاءت فترات ركود وجمود في العالم أعقبها أزمنة حركة وتجديد , ويكفي أن نذكر مثلاً من ظهر في القرن الثامن من العلماء المجددين ـ بعد سقوط الخلافة الإسلامية , وتدهور الأوضاع في القرن السابع مثل شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وسائر تلاميذه في الشام والشاطبي في الأندلس , وابن خلدون في المغرب , وغيرهم ممن ترجم لهم ابن حجر في كتابه " الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة ".
وفي العصور التي تلت ذلك نجد مثل ابن حجر , والسيوطي في مصر , وابن الوزير في اليمن والدهلوي في الهند والشوكاني والصنعاني في اليمن , وابن عبد الوهاب في نجد , وغيرهم من العلماء الأجلاء المجتهدين والأئمة المجددين.
وهذا ما جعل الإمام ابن حبان في " صحيحه " يرى أن حديث أنس ليس على عمومه , مستدلاً بالأحاديث الواردة في المهدي , وانه يملأ الأرض عدلاً , بعد أن ملئت جورًا [34].
(34) " فتح الباري ": جـ 16 ص 228 ط. الحلبي.
اسم الکتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية معالم وضوابط - ط الوفاء المؤلف : القرضاوي، يوسف الجزء : 1 صفحة : 88