responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موقف الشيخ الغزالي من السنة النبوية المؤلف : القرضاوي، يوسف    الجزء : 1  صفحة : 386
كيف تقع هذه المخالفة؟ إن الراوى بشر قد يخطىء الفهم، أو يغلبه النسيان، وهنا تجيء المقابلة بين حديث وحديث، وسند وسند، ومع التحرى والاستقصاء يظهر الحق.

وقد تجىء المقابلة بين الدلالات المأخوذة من آية قرآنية، وبين الخبر المروى عن طريق الآحاد. ومن غرائب ذلك أن أباحنيفة يبيح أن تباشر المرأة عقد زواجها بنفسها وَيَرُدُّ مَا رُوِيَ بِالمَنْعِ، لأن الله يقول: {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 234].
ويقول تعالى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230].
فنسب العقد إليها، وهذا الإسناد حقيقى ولا داعي للقول بالمجاز .. الخ .. وأغلب الفقهاء يرفض هذا المذهب لضعف الاستنتاج وَإِنْ أَيَّدَهُ كثيرون. والذي نلفت النظر إليه أن أحدًا لاَ يَرُدُّ حَدِيثًا بالهوى أو لأنه لم يعجبه [10] فذلك مسلك كما قلنا أقرب إلى الكفر منه إلى الإيمان.

" ونتأمل في مسلك إمام فقيه مُحَدِّثٍ، هو مالك بن أنس - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، يرى مالك أن المدينة المنورة على عهده ورثت علم الصحابة والتابعين، وهم القرون المفضلة فى هذه الأمة، وأن ما أجمع عليه أهل المدينة هو الصورة الدقيقة لِسُنَّّةِ الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإذا جاء حديث مخالف لما عليه العمل عند أهل المدينة تجهم له مالك، وتوقف في قبوله.

إنه وإن رواه الثقة فقد خالف الثقات، أي أنه وفق مصطلح أهل هذا الفن شاذ، ومن ثم رفض مالك النافلة قبل المغرب، ورفض تحية المسجد والإمام يخطب مع ورود أحاديث تجيز ذلك، بل تستحبه .. إن موقف مالك من هذه المرويات كموقف عمر بن الخطاب من حديث فاطمة بنت قيس في سكنى ونفقة المطلقة ثَلاَثًا، فقد رَدَّ الحديث ـ على صحته ـ قائلاً: «لاَ نَدَعُ كِتَاب رَبِّنَا وَسُنَّة نَبِيِّنَا [لِقَوْلِ] اِمْرَأَةٍ لاَ نَدْرِي لَعَلَّهَا حَفِظَتْ أَوْ نَسِيَتْ!» إنه لاَ يَرُدُّ السُنَّةَ وحاشا له ذلك، إنه ينكر أن هذا الحديث سُنَّةٌ.

[10] وهذا ما وَضَّحَهُ ابن تيمية في كتابه القيم " رفع الملام عن الأئمة الأعلام ".
اسم الکتاب : موقف الشيخ الغزالي من السنة النبوية المؤلف : القرضاوي، يوسف    الجزء : 1  صفحة : 386
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست