اسم الکتاب : موقف الشيخ الغزالي من السنة النبوية المؤلف : القرضاوي، يوسف الجزء : 1 صفحة : 387
قال الشيخ عبد الله كنون كبير علماء المغرب ـ وهو مالكي المذهب ـ:
«نلمح إلى رأينا في تقديم مالك لعمل أهل المدينة على الخبر الصحيح الذى يُرْوَى عن طريق الآحاد، فإنا نرى أنه ذهاب منه إلى وجوب النظر في متن الحديث، كما ننظر إلى السند. إن متن الحديث إذا وجد له معارض من الأصول والحقائق الثابتة المُسَلَّمَةِ، وكان من رواية الآحاد ـ أي لم يكن متواترًا، فيعلم بالضرورة أنه من الدين ـ فإنه يمكن وضعه موضع البحث، ويتوقف العمل به حتى يبت فيه أهل العلم».
قال: «مِمَّا يستأنس به لهذا ما رُوِيَ عن ابن المعذل أنه قال: سمعت إنسانا سأل ابن الماجشون: لِمَ رَوَيْتُمْ الحديث ثم تركتموه؟ فقال: لِيُعْلَمَ أَنَّا عَلَى عِلْمٍ تَرَكْنَاهُ».
وهذا القول يرد على من زعم أن الإمام مالكًا ترك العمل بالحديث لأنه لم يبلغه، لا، إنه بلغه، ولكن ثقته برجحان ما عنده يأباه.
إن الآحاد لا ترد الإجماع أو شبه الإجماع، وهو يرى أن ما خالف إجماع أهل المدينة مرفوض.
ويرى أبوحنيفة أن حديث الآحاد يفيد الظن الراجح، فكل دلالة أقوى ترجح عليه كظاهر القرآن، والقياس القطعى [11].
ولقد تعرض ابن تيمية في " المسودة " لقضية من يرد الحديث الصحيح وهل يكفر به؟ فقال: وقد اختلف العلماء في تكفير من يجحد ما ثبت بخبر الواحد العدل، وذكر ابن حامد في أصوله عن أصحابنا في ذلك وجهين، والتكفير منقول عن إسحاق بن راهوية.
وبعد بحث ومناقشة في المسألة قال شيخ الإسلام:
" ولهذا كان الصواب أن من رَدَّ [الخَبَرَ] الصحيح ـ كما كانت ترده الصحابة ـ اعتقادًا لغلط الناقل أو كذبه، لاعتقاد الرَادِّ أن الدليل قد دَلَّ على أن الرسول لا يقول هذا، فإن هذا لا يكفر ولا يفسق، وإن لم يكن اعتقاده مُطَابِقًا، فقد رَدَّ من الصحابة غير واحد من الأخبار التي هي صحيحة عند أهل الحديث [12]. [11] من كتاب " علل وأدوية ": ص 88 - 90.
(12) " المسودة " ص 245 - 247.
اسم الکتاب : موقف الشيخ الغزالي من السنة النبوية المؤلف : القرضاوي، يوسف الجزء : 1 صفحة : 387