فذلك كافر بي ومؤمن بالكوكب» [1].
فإضافة الآية إلى السبب على أنه فاعل بذاته أو أنه سبب ولم يجعله الله سبباً فهذا إخلال بتوحيد الربوبية [2].
فإذا اعتقد أن الكوكب يفعل بذاته فهو شرك أكبر، وإن اعتقد أنه سبب فهو شرك أصغر.
وتكون الأسباب محرمة إذا استعمل ما حرمه الله لجلب منفعة أو دفع مضرة، فعن طارق بن سويد الجعفي -رضي الله عنه- أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الخمر؟ فنهاه أو كره أن يصنعها، فقال: إنما أصنعها للدواء، فقال: «إنه ليس بدواء ولكنه داء» [3].
والناس في الأسباب طرفان ووسط:
الأول: من ينكر الأسباب، وأنه ليس لها تأثير البتة وهذا فيه مكابرة للمعقول.
الثاني: من يغلو في إثبات الأسباب حتى يجعل ما ليس بسبب سببًا، بل جعل بعضهم الأسباب فاعلة بذاتها وهذا شرك بالله تعالى.
الثالث: من يؤمن بالأسباب وتأثيراتها، ولكنهم لا يثبتون من الأسباب إلا ما أثبته الله سبحانه ورسوله، سواء كان سببًا شرعيًا أو كونيًا [4].
فإنكار الأسباب بالكلية قدح في الشرع والالتفات والاعتماد عليها بالكلية شرك أكبر والأخذ بها مع التوكل على الله هو دين الإسلام [5]، قال تعالى: {وَقَالَ يَابَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ [1] صحيح البخاري، كتاب الأذان، باب يستقبل الإمام الناس إذا سلم: 172، برقم (846). [2] انظر: مجموع الفتاوى: 35/ 167، والقول المفيد في شرح كتاب التوحيد: 2/ 202. [3] صحيح مسلم، كتاب الأشربة، باب تحريم التداوي بالخمر: 3/ 1573 برقم (1984). [4] انظر: مجموع الفتاوى: 35/ 168، والرد على المنطقيين: 305، ومفتاح دار السعادة: 2/ 292، والقول المفيد في شرح كتاب التوحيد: 1/ 164، وكسوف الشمس بين التخويف والتزييف لذياب بن سعد الغامدي، مكتبة المزيني، الطائف، ط1: 49. [5] انظر: إحياء علوم الدين: 4/ 290، 295، ومجموع الفتاوى: 8/ 175، 527، ومنهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية لشيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق: محمد رشاد سالم، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، ط1: 5/ 366.