فتكون شركاً أكبر إذا كان السبب خفيا لا تأثير له إطلاقا، كأن يعتقد أن هذا النجم يفعل بذاته، فهذا شرك أكبر؛ لأنه يعتقد بهذا القول أن لهذا النجم تصرفا في الكون.
وتكون شركاً أصغر إذا اعتقد سبباً لم يثبت كونه سبباً لا شرعا ولا حسا; فهذا نوع من الشرك الأصغر، كأن يعتقد أن دخول النجم الفلاني سبب في نزول المطر; لأنه أثبت سببا لم يجعله الله سببا، فكان مشاركا لله في إثبات الأسباب [1]، ولأن الأسباب قد يكون ارتباطها بمسبباتها ارتباطًا غيبيًا لا يدرك فكيف يقال: إن هذا الشيء سبب لهذا الشيء وهو غير محسوس؟ ففيه نوع من ادعاء علم الغيب.
قال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [2]، فسمى الله من يشرع أقوالا وأفعالا وأحكاما لم يأذن بها الله سماهم شركاء، فمن جعل سببا بسبب وهو ليس بسبب شرعي أو قدري كوني فقد وقع في الشرك الأصغر, لأن الله سبحانه وتعالى لم يأمرنا بهذه الأسباب، فكأنه شرع أسباباً لم يأذن الله بها [3].
أو "أن يعتمد على سبب شرعي صحيح مع الغفلة عن المسبِّب، وهو الله -عز وجل- وعدم صرف قلبه إليه; فهذا نوع من الشرك، ولا نقول شركاً أكبر; لأن هذا السبب جعله الله سببا" [4].
فعن زيد بن خالد الجهني -رضي الله عنه- أنه قال: صلى لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليلة، فلما انصرف، أقبل على الناس فقال: «هل تدرون ماذا قال ربكم؟». قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «أصبح من عبادي مؤمن وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب، وأما من قال: بنوء كذا وكذا، [1] انظر: تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد لسليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، المكتب الإسلامي، بيروت، ط7: 454 - 460، والقول المفيد في شرح كتاب التوحيد: 2/ 203. [2] الشورى: 21. [3] انظر: الموافقات: 1/ 344. [4] القول المفيد: 1/ 183.