اسم الکتاب : التفسير اللغوي للقرآن الكريم المؤلف : الطيار، مساعد الجزء : 1 صفحة : 542
ذهبَ إلى هذا التأويلِ الغريبِ الذي لم يُذكرْ عن أحدٍ قبلَهُ. وجعلَ معنى خشيةِ اللهِ؛ أي: من إخشاءِ اللهِ الناسَ بذلك؛ كقوله: {يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا} [الرعد: 12]؛ أي: للإخافة والإطماع [1].
الثاني: أساليبُ الخطابِ العربيةِ:
ومنْ أمثلةِ انحرافهم بسببِ الأساليبِ العربيَّةِ في الخطابِ:
قوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: 22]، وهذه الآيةُ منْ أشهرِ الآياتِ التي سَلَّطَ عليها المبتدعةُ أسلوبَ الحذفِ، والقاعدةُ المقرَّرَةُ في هذا الأسلوبِ: أنه لا يُحْذَفُ إلاَّ ما دَلَّ المقامُ عليه، وأنَّ حذفَهُ لطلبِ الاختصارِ والبلاغةِ في الكلامِ.
وقدْ جعلوا قولَه تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ} [الفجر: 22] منْ حذفِ المضافِ، وقدَّرُوهُ عِدَّةَ تقديراتٍ لا يَدُلُّ عليها السِّياقُ، بلْ هي هروبٌ منْ إثباتِ ظاهرِ النَّصِّ إلى التَّنْزِيهِ المزعومِ عندَهم، وهو تعطيلُ صفات اللهِ، ومنْ أشهرِ هذه التَّقديراتِ: جاءَ أمرُ ربكَ بالمحاسبةِ والجزاءِ [2].
وليسَ هناكَ سببٌ لهذا الحذفِ عندَهم سوى الدلائلِ العقليَّةِ المزعومةِ التي رتَّبوها، قال الرَّازيُّ (ت:606): «واعلمْ أنَّه ثبتَ بالدليلِ العقليِّ أنَّ الحركةَ على الله تعالى محالٌ؛ لأنَّ كُلَّ ما كان كذلك، كانَ جِسْماً [3]، والجسمُ [1] ينظر: غرائب التفسير، للكرماني (1:151). [2] ينظر على سبيل المثال: متشابه القرآن، للقاضي عبد الجبار (2:689)، وأمالي الشريف المرتضى (2:311)، وتفسير الرازي (31:158)، وذكر الرازي تقديرات أخرى، ومن أعجب ما ذكره في الآية الوجه السادس، قال: «وسادسها: أن الربَّ هو المربي، ولعل ملَكاً هو أعظم الملائكة هو مُرَبٍّ للنبي صلّى الله عليه وسلّم جاء، فكان هو المراد من قوله: {جَاءَ رَبَّهُ}».
ولست أدري ما الفرق بين هذا التأويل وتأويلات غلاة الرافضة والباطنية؟! [3] لفظ الحركة والجسم من الألفاظ التي يهوِّش بها المبتدعة لنفي صفات الباري سبحانه، وهذه من الألفاظ البدعية التي ليس فيها من تنزيه الله شيء، بل الصواب =
اسم الکتاب : التفسير اللغوي للقرآن الكريم المؤلف : الطيار، مساعد الجزء : 1 صفحة : 542