اسم الکتاب : التفسير اللغوي للقرآن الكريم المؤلف : الطيار، مساعد الجزء : 1 صفحة : 543
يستحيلُ أنْ يكونَ أزلياً، فلا بدَّ فيه منَ التَّأويلِ، وهو منْ بابِ حذفِ المضافِ وإقامةِ المضافِ إليه مقامَهُ ...» [1].
وقد جرى هؤلاءِ على هذا المبدأ في الآياتِ التي تثبتُ لغيرِ العقلاءِ تمييزاً؛ كالسُّجودِ والتَّسبيح والقَولِ وغيرِها، فحملوها على الحذفِ أو المجازِ، ولم تسلمْ آيةٌ في هذا الموضوعِ من تسليطِ أسلوبِ الحذفِ أو المجازِ عليها، ومنَ أمثلةِ الآياتِ التي أثبتَ اللهُ فيها للجماداتِ شيئاً من الإحساسِ:
1 - أولُ آيةٍ وردَ فيها إثباتُ التَّمييزِ للجماداتِ، قوله تعالى: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [البقرة: 74]، وقدْ ذهبَ المعتزلةُ بهذه الآيةِ إلى المجازِ، ونَفَوا أنْ يكونَ من الحجارةِ خشيةٌ للهِ تعالى، قالَ الشَّريفُ الرَّضيُّ (ت:406): «هذه استعارةٌ، والمرادُ: ظهور الخضوعِ فيها لتدبيرِ الله تعالى بآثارِ الصَّنعةِ وإعلامِ الصِّبغةِ» [2].
وقالَ الزَّمخشريُّ (ت:538): «والخشيةُ: مجازٌ عن انقيادِها لأمرِ اللهِ وأنها لا تمتنعُ على ما يُرادُ فيها، وقلوبُ هؤلاءِ لا تنقادُ ولا تفعلُ ما أُمِرَتْ به» [3].
وهذا الذي قالوه خلافٌ لظاهرِ الآيةِ، وأقوالُ المفسِّرينَ من السَّلفِ تدلُّ
= إثبات ما أثبته الله العليم بنفسه لنفسه، دون الدخول في كيفيات صفاته بدلائل العقول المخذولة. [1] مفاتيح الغيب، للرازي (31:158). [2] تلخيص البيان في مجازات القرآن (ص:16). [3] الكشاف (1:291).
وقد حكى السَّمرقندي تأويلاً آخر نسبهُ إلى المعتزلة، فقال: «وقال بعضهم: هو على وجه المثال؛ يعني: لو كان له عقل لهبط من خشية الله تعالى، وهو قول المعتزلة، وهو خلاف أقاويل أهل التفسير». بحر العلوم (1:130).
اسم الکتاب : التفسير اللغوي للقرآن الكريم المؤلف : الطيار، مساعد الجزء : 1 صفحة : 543