responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التفسير اللغوي للقرآن الكريم المؤلف : الطيار، مساعد    الجزء : 1  صفحة : 544
على حصولِ التَّمييزِ للحَجَرِ، ووقوعِ الهبوطِ من خشيةِ الله حقيقةً لا مجازاً [1]، وما ذهبَتْ إليه المعتزلةُ ليسَ بشيءٍ؛ لأنه ليسَ شيءٌ إلاَّ أثرُ الصَّنْعَةِ فيه، وإنما هبطَ الحجرُ لوجودِ التَّمييزِ فيه؛ كما قالَ تعالى: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [الحشر: 21]، وكما قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَآبُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ} [الحج: 18] ولو كان يراد بذلك أثرُ الصَّنعةِ لم يقلْ: {وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ}؛ لأنَّ أثرَ الصَّنعةِ شاملٌ للمؤمنِ وغيرِه [2].
قالَ البَغَوِيُّ (ت:516) [3]: «فإنْ قيلَ: الحجرُ جمادٌ لا يفهمُ، فكيفَ يَخشى؟
قيلَ: الله يُفْهِمُه ويُلهِمُهُ فيخشى بإلهامِهِ، ومذهبُ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ أنَّ لله تعالى عِلْماً في الجماداتِ وسائرِ الحيواناتِ، سوى العقلاء، لا يقفُ عليه غيرُ اللهِ، فلها صلاةٌ وتسبيحٌ وخشيةٌ [4]؛ كما قالَ جلَّ ذِكْرُهُ: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 44]، وقال: {وَالطَّيْرُ صَآفَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ

[1] تنظر أقوالهم في تفسير الطبري، تحقيق: شاكر (2:240 - 241).
[2] ينظر: معاني القرآن وإعرابه، للزجاج (1:157 - 158)، ورسالة في قنوت الأشياء كله لله، لابن تيمية، ضمن جامع الرسائل، تحقيق: محمد رشاد سالم (1:43 - 45).
[3] الحسين بن مسعود بن محمد الفراء، المعروف بالبغوي، شافعي مفسر، كان صاحب سنة، له مصنفات، منها: معالم التنزيل، توفي سنة (516)، ينظر: التحبير في المعجم الكبير، للسمعاني (1:213 - 214)، وسير أعلام النبلاء (19:439 - 443).
[4] قال الرازي ـ مبيناً سبب إنكار المعتزلة لهذا المعنى الحقيقي في هذه الجمادات ـ: «وأنكرت المعتزلة هذا التأويل لما أن عندهم البنية واعتدال المزاج شرط قبول الحياة والعقل، ولا دلالة لهم على اشتراط البنية إلاَّ مجرد الاستبعاد، فوجب ألاَّ يلتفت إليهم». مفاتيح الغيب (3:120).
وإن صحَّ هذا الإخبار عنهم، فإنه يدلُّ على أن هؤلاء يعتقدون، ثم يحرفون الكتاب إلى ما يوافق مقرراتهم السابقة، ولا شكَّ أن هذا المنهج يقود إلى التحريف دائماً.
اسم الکتاب : التفسير اللغوي للقرآن الكريم المؤلف : الطيار، مساعد    الجزء : 1  صفحة : 544
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست