اسم الکتاب : جماليات المفردة القرآنية المؤلف : أحمد ياسوف الجزء : 1 صفحة : 304
ولتجسيم مشهد العذاب، بهوله وتأجّجه وضرامه، جزاء على الفعلة الشنيعة قتل الأنبياء، وعلى القولة الشنيعة: إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ [1].
وهو لا يذكر مثلا مساحة دلالة «الحريق» في اللغة مقارنة بالنار، وتحليله ليس ببعيد عما يسميه القدامى مراعاة النظير، فتربط الكلمة بسياق الآية كلها، وهذا ما وجدناه عند الخطيب الإسكافي وابن أبي الإصبع.
ولا يكاد يبتعد بدوي قيد شعرة عن منهج سيّد قطب، فهو كذلك يترك المعيار للنفس والتصور، ففي الآية الكريمة: وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ [2]. يقول عن فعل «خلوا»: «ترى ما توحي به إلى نفسك من جبن هؤلاء المنافقين الذين لا يستطيعون أن يظهروا ما تكنّه قلوبهم إلا في خلوة لا يراهم فيها أحد» [3].
وتعد دراسة عائشة عبد الرحمن جيدة، لأنها تنظر إلى قرائن السياق العام ففي الآية الكريمة: يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالًا لُبَداً [4] تبين البعد النفسي لفعل «أهلكت» قائلة: «ولم يقل أنفقت مع قربها، وذلك لأن الإهلاك أولى بالغرور والطّغيان، وأنسب لجوّ المباهاة والفخر المسيطر على المقام» [5].
وهذا واضح في سورة البلد، ولا شكّ في وجود مفردات مختصة بدفع المال مثل أنفق وبذل وصرف، ولكن «أهلكت» فعل يعدّ استعماله مجازيا، وهو ليس من مرادفات أنفق، كما ترى الباحثة.
ولا بأس أن نقف عند كلمة «أخذ» الواردة في مقام التهديد، لتتضح الدلالة الخاصة لبعض مفردات القرآن، إنه فعل عادي إلا أن دلالته تتّسع في القرآن، ويتغيّر حجم مفعولها، ومن هذا قوله تعالى: وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ [1] سورة آل عمران، الآية: 181، وقطب، سيد، في ظلال القرآن، مج/ 1:
4/ 537. [2] سورة البقرة، الآية: 14. [3] بدوي، د. أحمد، من بلاغة القرآن، ص/ 31. [4] سورة البلد، الآية: 6، لبد: كثير بعضه فوق بعض. [5] عبد الرحمن، د. عائشة، التفسير البياني: 1/ 187.
اسم الکتاب : جماليات المفردة القرآنية المؤلف : أحمد ياسوف الجزء : 1 صفحة : 304