responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : جماليات المفردة القرآنية المؤلف : أحمد ياسوف    الجزء : 1  صفحة : 303
وفي المفردة نفسها يقول سيّد قطب: «إنه يلقي ظلال الرّغبة الدّافعة إلى استئناف حياة زوجية جديدة، رغبة الأنفس التي يدعوهنّ إلى التربّص بها، والإمساك بزمامها، مع التّحفّز والتّوقّر الذي يصاحب صورة التربص، وهي حالة طبيعية تدفع إليها المرأة في أن تثبت لنفسها ولغيرها، أنّ إخفاقها في حياة الزوجية لم يكن لعجز فيها أو نقص، وأنها قادرة على أن تجذب رجلا آخر» [1].
ولكن الشعور بالإخفاق لا يكون في حالة موت الزوج، فقد قال تعالى عن الأرامل: يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً [2]، وكان على سيد قطب أن ينتبه إلى هذا، فهذا وليد الإشعاع الذاتي لدى الدارس.
وقد وفّق في مواضع أخرى، كما ورد لدى الآية: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [3] فهو يحدثنا عن تحقيق انسجام الأضواء في الصورة بكلمة «الفلق»، يقول: الجوّ كله ظلام ورهبة وخفاء وغموض، وهو يستعيذ من هذا الظلام بالله، والله ربّ كل شيء، فلم يخصّصه هنا «بربّ الفلق»؟ لينسجم مع جوّ الصورة كلّها، ويشترك فيه، ولقد كان من المتبادر أن يعوذ من الظلام بربّ النور، ولكن الذهن هنا ليس المحكّم، إنما المحكّم هو حاسّة التصوير الدقيقة، فالنور يكشف الغموض المرهوب .. والفلق يؤدي معنى النور من الوجهة الذهنية، ثم يتّسق مع الجوّ العام من الوجهة التصويرية» [4].
ويمكننا أن نقول: إن المحكّم في كل نظرات سيد قطب هو التصوير الذي يشمل الصورة البصرية والإيحاء النفسي، والصورة السمعية أيضا، ومثل هذا الإيحاء ما ذكره عن ميل القرآن إلى تصوير قبح أعمال الكفار بمفردات توائم شنائعهم، يقول تعالى: وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ [5] عن اليهود، يقول سيّد قطب: «والنص على «الحريق» هنا مقصود لتبشيع ذلك العذاب وتفظيعه،

[1] قطب، سيّد، في ظلال القرآن، مج/ 1: 2/ 245.
[2] سورة البقرة، الآية: 234.
[3] سورة الفلق، الآية: 1.
[4] قطب، سيد، التصوير الفني، ص/ 98.
[5] سورة آل عمران، الآية: 181.
اسم الکتاب : جماليات المفردة القرآنية المؤلف : أحمد ياسوف    الجزء : 1  صفحة : 303
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست