اسم الکتاب : دراسات في علوم القرآن المؤلف : فهد الرومي الجزء : 1 صفحة : 179
واستعداد لتلقي الوحي في اليقظة، ويدل على هذا حديث علقمة بن قيس صاحب عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: "إن أول ما يؤتى به الأنبياء في المنام حتى تهدأ قلوبهم، ثم ينزل الوحي بعد في اليقظة"[1].
ولم ينزل من القرآن شيء عن طريق الوحي بالمنام، وقد ظن بعضهم أن سورة الكوثر نزلت في المنام مستدلا بحديث أنس بن مالك رضي الله عنه: "بينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه مبتسما، فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله قال: "أنزلت عليّ آنفا سورة" فقرأ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ، فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ، إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} ... الحديث"[2].
والصحيح أن هذه الإغفاءة ليست إغفاءة نوم؛ فقد حكى السيوطي عن الرافعي قوله: "وقد يحمل ذلك على الحالة التي كانت تعتريه عند نزول الوحي ويقال لها برحاء الوحي أ. هـ. قلت -يعني السيوطي: الذي قاله الرافعي في غاية الاتجاه وهو الذي كنت أميل إليه قبل الوقوف عليه[3]. ونقل القسطلاني عن أمالي الرافعي قوله: "الأشبه أن القرآن نزل كله يقظة"[4]. وبهذا يظهر أنه لم ينزل قرآن على الرسول -صلى الله عليه وسلم- في المنام، والله أعلم.
2- ما كان مكالمة بين العبد وربه:
قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا} الآية[5]. ومن هذا النوع تكليم الله سبحانه وتعالى لموسى عليه السلام: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [6]. [1] فتح الباري: ابن حجر ج1 ص10، وقال: رواه أبو نعيم في الدلائل بإسناد حسن عن علقمة بن قيس صاحب ابن مسعود. [2] صحيح مسلم ج1 ص300. [3] الإتقان: السيوطي ج1 ص23. [4] شرح القسطلاني على صحيح البخاري ج1 ص61. [5] سورة الشورى: الآية 51. [6] سورة النساء: الآية 164.
اسم الکتاب : دراسات في علوم القرآن المؤلف : فهد الرومي الجزء : 1 صفحة : 179