responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : عون الحنان في شرح الأمثال في القرآن المؤلف : على أحمد عبد العال الطهطاوى    الجزء : 1  صفحة : 97
جعل اليهود لأنفسهم، بل المؤمنين، وإن جل قدرهم، غير الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، لا يزول عنهم خوف الخاتمة، ومن كان قد ابتلى بشيء من الخطايا، فهو مفتقر إلى زمن يتدارك فيه ما فاته، فلهذا لم يتمن المؤمنون الموت، فأما اليهود، فقد ادعوا أنهم من أهل الجنة، وليس بها شىء من الشدة، والدنيا دار شدة وبلية، فلا معنى لامتناعهم عن تمنى الموت لو كانوا صادقين فى دعواهم.
وثانيهما: أنهم كانوا يزعمون أنهم أبناء الله وأحباؤه، وفى تمنيهم الموت وصول إلى أبيهم وحبيبهم فى زعمهم، ولا أحد يرغب ولا ينفر عن الحبيب والأب، فدل امتناعهم من ذلك على كذبهم فى دعواهم، وأما المسلمون فلا يدعون ذلك، ولا يتمنون الموت، بل يرغبون فى امتداد الحياة لمزيد الأعمال الصالحة كما هو ظاهر.
وقوله: خالِصَةً الخالص كالصافى، لكن الصافى يقال فيما لم يكن فيه شوب قبل ذلك، ولا يقال: خالص، إلا إذا كان فيه شوب من قبل فزال، وقوله: مِنْ دُونِ النَّاسِ لفظ دُونِ لما كان فى الأصل اسما للقاصر عن الشيء، اعتبر ذلك فى المكان تارة، وفى الشرف تارة، وفى الاختصاص تارة، فيقال فى المكان: دونك هذا، أى خذه من أدنى مكان منك. ويقال فى الاختصاص: هذا إلى دونك، ويقال فى الشرف:
فلان دون فلان، أى أقل منه رتبة ومنزلة.
فإن قيل: كيف قال: مِنْ دُونِ النَّاسِ والمخاطبون أيضا هم الناس؟ قيل: المراد بالناس أكثرهم، إذ لفظه عام، ومعناه خاص، أى دون باقى الناس وسائرهم. وقال بعضهم: فيه لطيفة، وهى أنه جل جلاله يعرض بهم، ويشير بأنهم ليسوا من الناس، والكلمة بأصل وضعها تحتمل المدح والذم، فالمدح نحو قولك: فلان ليس بإنسان، بل هو ملك كريم، والذم نحو قولك: يغرنك من فلان مظهر صلاحه، فهو ليس بإنسان، إذ المعنى أنه أحط إلى درجة الحيوانية، ولا شك أنهم من القبيل الثانى، فهذه هى اللطيفة التى فى الآية التى قال بها البعض.
وقد أخبر الله تعالى أنهم لن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم، وفى هذا بيان للعلة التى بسببها لا يتمنون الموت، فإنهم عالمون بما صنعوا من الكفر بعيسى والإنجيل، وبمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن، وبتحريف التوراة، فيعلمون بما لهم عند الله تعالى من العذاب الأليم والعقاب الدائم، وأنه لا نصيب لهم فى الجنة، وإنما قالوا: نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ

اسم الکتاب : عون الحنان في شرح الأمثال في القرآن المؤلف : على أحمد عبد العال الطهطاوى    الجزء : 1  صفحة : 97
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست