اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 88
القرآن الكريم:
" كتاب الله تبارك وتعالى، فيه نبأ من قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار: قصمه الله، ومن ابتغى الهدى فى غيره: أضلّه الله، هو حبل الله المتين، ونوره المبين، والذّكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذى لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا تتشعّب معه الآراء، ولا يشبع منه العلماء، ولا يملّه الأتقياء، ولا يخلق على كثرة الرّد، ولا تنقضى عجائبه، هو الذى لم تنته الجن إذ سمعته أن قالوا: إنا سمعنا قرآنا عجبا، من علم علمه: سبق، ومن قال به:
صدق، ومن حكم به: عدل، ومن عمل به: أجر، ومن دعا إليه: هدى إلى صراط مستقيم" الترمذى عن على مرفوعا [1].
ذلكم هو القرآن الكريم وقد أنزله الله على نبيّه صلى الله عليه وسلم ليتلوه المؤمنون، فتنشرح بهذه التلاوة صدورهم، وتستنير أفئدتهم وقلوبهم، وينالوا به مثوبة الله يوم القيامة، وما تقرّب أحد إلى الله تبارك وتعالى بمثل كلامه. ثم ليكون بعد ذلك دستور حياتهم ونظام مجتمعهم، يرسم لهم طرائق الحياة السعيدة فى هذه الحياة الدنيا، وطرائق الفوز والنجاة فى العقبى مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ [النحل: 97] وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى [طه: 124].
فليس المقصود من القرآن: مجرّد التلاوة، أو التماس البركة، وهو مبارك حقّا، ولكن بركته الكبرى فى تدبّره، وتفهّم معانيه ومقاصده، ثم تحقيقها فى الأعمال الدينية والدنيوية على السواء، ومن لم يفعل ذلك، أو اكتفى بمجرّد التلاوة بغير تدبّر ولا عمل، فإنه يخشى أن يحقّ عليه الوعيد الذى يرويه البخارى عن حذيفة رضى الله عنه:" يا معشر القراء: استقيموا فقد سبقتم سبقا بعيدا، وإن أخذتم يمينا وشمالا لقد ضللتم ضلالا بعيدا" [2]. [1] رواه الترمذى برقم (2906) وقال: هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه، والدارمى (3211) وأحمد (1/ 91) والبزار (836) عن على رضى الله عنه. وقال محقق الدارمى (حسين سليم أسد): فى إسناده مجهولان أبو المختار سعد الطائى، وابن أخى الحارث. انظر: سنن الدارمى (4/ 2098). [2] رواه البخاري (7282) وابن أبي شيبة (8/ 201).
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 88