اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 475
ومن آثار الإيمان: شجاعة تتضاءل أمامها الجحافل، وتنطوى أمام قوتها الجبابرة، وتذلّ لها النكبات والمشاق والصعاب والعقبات: الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ [آل عمران: 173، 174].
وبعد؛ فمن آثار الإيمان بعد ما علمت: جهاد فى سبيل الله بالنفس إلى آخر قطرة من دمها، وبالمال إلى آخر درهم منه: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ [التوبة: 111] ولما كان هذا الأثر الأخير يعتبر النتيجة الطبيعية والعملية للآثار السابقة من الحب والسعادة والعزة والشجاعة ذكره الله تبارك وتعالى ونوّه به، واكتفى بذكره فى الآية الكريمة: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ [الحجرات: 15].
وأمامك آيات القرآن وأحاديث الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم تجد فيها ما تدهش له من تحصيل حقيقة الإيمان وبيان آثاره وتربية النفوس عليه، فروّض نفسك بها حتى تكون من الصادقين.
[الفرق بين الإيمان والإسلام]
هذا بحث، وأما البحث الثانى وهو الذى عرضت له الآية الأولى، فقد طال فيه الجدل بين علماء الكلام، وكلّ يؤيّد مذهبه بحججه، ولسنا نفيض فى هذا ...
وإن هى إلا تعبيرات تختلف قوة وضعفا باختلاف القوم وأحوال الناس ودرجاتهم، فقد جعل القرآن الإسلام أقل درجة من الإيمان فى الآية الكريمة، كما أشار إلى ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم فى حديث سعد بن أبى وقاص رضي الله عنه.
فقد روى الإمام أحمد وغيره بسنده عن سعد بن أبى وقاص رضي الله عنه قال:
" أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالا ولم يعط رجلا منهم شيئا، فقال سعد رضي الله عنه: يا رسول الله أعطيت فلانا وفلانا ولم تعط فلانا شيئا وهو مؤمن! فقال النبى صلى الله عليه وسلم: أو
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 475