responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 474
وقد علمت نبأ ذلك الشيخ الذى طال به السجن فى سبيل إيمانه [1] فأخذ تلامذته يعزّونه، ويتلمّسون له سبيل النجاة، فكان فيما قال لهم: إن حبسى خلوة، وقتلى شهادة، ونفيى سياحة، وكل ذلك بأجره، ولو ملأت لهم قلعتهم هذه ذهبا ما كافأتهم على ما ساقوا إلىّ من ثواب الله، وإن جنّتى وبستانى فى صدرى.
الله أكبر، أرأيت يا أخى كيف يحيل الإيمان المصائب المنكبات نعما سابغات؟
وكيف يصير الهموم الراسيات لذائذ مفرحات، وصدق رسول الله الذى يقول ما معناه:
" عجبت لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، إن أصابته النعماء شكر، وإن مسته الضراء صبر" [2].
وهذا أبو القاسم الجنيد [3] يقول: نحن من إيماننا بالله ومعرفتنا إياه فى لذة لو عرفها ملوك الدنيا لقاتلونا عليها بالسيوف.
ومن آثار الإيمان: عزّة سابقة تجعل المؤمن عزيزا بربه، عظيما فى نفسه، لا يرى أحدا أعزّ منه، إذ يستمد عزّته من الله لا من أحد من خلقه، وإذ يدوى فى نفسه صدى الآية الكريمة: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ [البقرة: 257]، إلى جانب الآية الكريمة: الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً [النساء: 139]، إلى جانب قوله تعالى: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ [المنافقون: 8].

[1] هو شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وقد نقل هذا الموقف عنه تلميذه الإمام ابن القيم فى كتابه (الوابل الصيب) ص 22. نقلا عن كتاب: ابن تيمية للعلامة أبى الحسن الندوى.
[2] رواه أحمد (5/ 436، 437) و (7/ 26، 27) ومسلم (2999) وابن حبان (2896) والبيهقى فى" الشعب" (4487) و (9949) عن صهيب الرومى رضي الله عنه. وقد ذكر الإمام الشهيد الحديث بمعناه، ولفظه:" عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير وليس ذاك إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، وإن أصابته ضراء صبر". وقد تقدم تخريجه.
[3] هو أبو القاسم الجنيد بن محمد الخزاز، وكان أبوه يبيع الزجاج، فلذلك كان يقال له: القواريرى. أصله من" نهاوند"، ومولده ومنشؤه بالعراق. كان فقيها، تفقه على أبى ثور، وكان يفتى فى حلقته، من أئمة الصوفية المعتدلين، مقبول على جميع الألسنة، وقد تحدث عنه ابن تيمية وغيره كثيرا مزكيا علمه ومنهجه. انظر: طبقات الصوفية ص 36.
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 474
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست