اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 411
وقد روى الشيخان والترمذى والنسائى من حديث أبى هريرة مرفوعا: «ما من نبى إلا أعطى ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذى أوتيته وحيا أوحاه الله إلىّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة» [1].
وقد سبق فى هذا التفسير فى سورة الأنعام عند قوله تعالى: وَقالُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ [الأنعام: 37] ذكر اعتراض وجوابه، قال: «هذا وإن بعض الكفار وبعض الشاكين والمتشككين فى الإسلام يقولون: لو أن محمدا صلى الله عليه وسلم أوتى بينة ومعجزة واضحة؛ تدل على نبوته ورسالته، لما طلب قومه الآية، وأن هذا الجواب بقدرة الله على تنزيل الآية، ومعنى العلم عن أكثرهم لا تقوم به الحجة عليهم المبطلة لحقية طلبهم»، ثم أجاب عن هذا بما خلاصته ما قدمناه، من أن القرآن هو المعجزة القطعية الباقية الخالدة لرسول الله صلى الله عليه وسلم [2].
على أن الجواب لم يقتصر على ما ذكر، بل قد علمت أن الإجابات تعددت تلفت أنظارهم إلى حكمة الامتناع عن الإرسال بالآيات الخارقة.
ويقال أيضا: إنه لما كانت أسئلتهم تعنت وإحراج، لا أسئلة تثبت واسترشاد، ناسب أن يجابوا بمثل هذه الإجابات: وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ [الأنفال: 23].
(وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) أكثر المفسرون فى بيان المعنى المراد بالهادى فى هذه الآية، فذهب بعضهم إلى: أن المراد به الله تبارك وتعالى، وذهب آخرون إلى: أنه محمد صلى الله عليه وسلم، أو النبى أيا كان، أو قائد يقودهم، أو داع يدعوهم إلى الخير، كل ذلك مروى بأسانيده.
وقال ابن جرير- بعد أن أورد كثيرا من هذا-: «وقد بينت معنى الهداية، وأنه الإمام المتبع الذى يقدم القوم، فإذا كان ذلك كذلك: فجائز أن يكون ذلك هو الله الذى يهدى خلقه، ويتبع خلقه هداه، ويأتمون بأمره ونهيه، وجائز أن يكون داعيا من الدعاة [1] رواه أحمد (3/ 204) والبخارى (4981) و (7274) ومسلم (152) والنسائى فى «الكبرى» (11129) والبيهقى فى «السنن» (13/ 190) عن أبى هريرة رضى الله عنه. ولم أجده فى الترمذى ولا النسائى كما ذكر الإمام. [2] انظر: تفسير المنار (7/ 387 - 388).
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 411