responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 410
2 - بيان أن حكمة الله تعالى قد اقتضت: أن الأمة التى تقترح الآيات ثم تكذب بها: لا بدّ أن تعذب عذاب استئصال، ويأخذها الله تعالى أخذ عزيز مقتدر، فثمود حين كذبت صالحا: أخذتها الصيحة والرجفة، وفرعون حين كذب موسى: أخذه الله هو وجنوده، فنبذهم جميعا فى اليم وهكذا.
ولما كانت نبوة محمد صلى الله عليه وسلم نبوة خالدة أبد الدهر، وكانت أمته هى الوارثة إلى يوم القيامة، وقد علم الله من عناد هؤلاء الكفار وصلابة رءوسهم أنهم لن يؤمنوا حتى ولو جاءتهم هذه الآيات، كما قال تبارك وتعالى فى سورة الأنعام [الآية: 109] وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ
اللَّهِ وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ
، وكما قال تبارك وتعالى فى هذه السورة نفسها: وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ [الأنعام: 28]، لما علم الله منهم ذلك لم يجبهم إلى ما طلبوا، إذ لو أجابهم فكذبوا- كما فعلت الأمم السابقة- لاستأصلهم وأبادهم، وذلك مخالف لمقتضى بقائهم ووراثتهم، وإلى هذا أشارت الآية الكريمة: وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً [الإسراء: 59]، وقد صرحت به آية (الحجر) فى قوله تبارك وتعالى: ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ [الحجر: 8].
وقد يقال: إن هذه القاعدة- قاعدة الاستئصال- لا تطبق على الأمة المحمدية؛ فقد أمنها الله برسوله وبالاستغفار، فقال تبارك وتعالى: وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الأنفال: 33]، وهو قول محتمل.
3 - بيان أن أفضل الإيمان ما كان عن طواعية واختيار، لا عن إلجاء واضطرار، وما كان عن نظر سليم، وفكر ثاقب حكيم، وتدبر لآيات الله، وتقديس لقدرته وعظمته المتجلية فى كونه والبادية فى مخلوقاته، والمتجلية فى إبقاء آيات كتابه الكريم؛ والمعجزة الكبرى، والآية الخالدة لنبينا صلى الله عليه وسلم هى القرآن الكريم، وفيه الكفاية كل الكفاية لمن تدبر وتذكر، وقد ورد ذلك صريحا فى سورة العنكبوت فى قوله تعالى- جوابا لهم عن اقتراح الآيات-: أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [العنكبوت: 51].

اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 410
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست