responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 366
للمسلمين أن يقفوا عن البحث العلمى فى مستورات الكون وخفاياه اعتمادا على ما جاء فى القرآن من ذلك، ولا سيما والقرآن نفسه مملوء بالحث على النظر فى الكون، ووجوب الازدياد من العلم وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً [طه: 114]، ولعلك بعد ذلك تدرك سر هذه الآية الكريمة مع قوله تعالى وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ [الإسراء: 36]، فالأولى: حث على تعرف ما تمكن معرفته مما هو فى حيز البحث العلمى، والثانية: نهى عن مزاولة ما لا يمكن الوصول إليه حتى تنصرف الجهود للنافع.

إلى أى مدى وصل العقل فى العلوم الكونية؟
يحسن بعد هذا البحث أن نجيب على هذا السؤال، ليعلم المغرورون بنتائج البحث العلمى: إلى أى مدى وصل العقل الإنسانى فى حل مشكلات الكون وكشف مستوراته؟ وسنورد فى هذا البحث بعض الشواهد من كلام علماء الكون غير المسلمين، ونعتذر عن ذلك مقدما، فلسنا فى حاجة إلى تأييد كتاب الله تبارك وتعالى بغير ما هو فيه، ولكننا قصدنا بذلك إلى أمرين:
أولهما: انتزاع الدليل من غير المؤمنين بالقرآن ليكون ذلك أبلغ فى الفضل وأقوى فى الاستدلال، و «الفضل ما شهدت به الأعداء».
وثانيهما: إقناع المغرورين بعلوم الفرنجة، المفتونين برقى أوروبا المادى أعظم الفتنة إذا عرفوا أن أساتذتهم قد أعلنوا العجز واعترفوا بالقصور، وطامنوا من غرورهم وخفضوا من حدة تعصبهم لما لا يعلمون والله الهادى إلى سواء السبيل.
لقد أتى على الناس زمان توالت فيه الكشوف العلمية المادية، ولمس الناس آثارها العملية فى مجرى حياتهم الدنيا. وظن علماء الكون أنهم وصلوا إلى لب الحقائق، وابتكروا من النظريات والقواعد ما يستطيعون به تفسير كل المظاهر الكونية، وأعلن كثير منهم فى ذلك الوقت تبرمه بالأديان وأهلها، والعقائد ومعتقديها، وطغت موجة من الإلحاد على العقول والأفكار، لم تلبث هذه الموجة أن انحسرت أمام ما تجلى لهؤلاء العلماء أنفسهم من عظمة الكون، وأمام ما انكشف لهم من النواميس التى هدمت ما اطمأنوا إليه من قبل، وما اعتقدوا أنه الحق فطامنوا من غرورهم، واعترفوا بقصورهم، وأعلنوا هذا العجز التام، وواصلوا بحوثهم فى تواضع وأدب.

اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 366
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست