responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 365
3 - إن هذا لم يمنع القرآن الكريم من أن يتعرض لكثير من النواميس الدقيقة فى هذه العلوم إرشادا للخاصة من الناس، وإثباتا لنسبة هذا الكتاب الكريم إلى العليم الحكيم.
4 - كان أسلوب القرآن فى التكلم عن هذه المظاهر الكونية أسلوبا معجزا حقا .. فيه إجمال، وفيه دقة، وفيه وضوح إلى جانبهما، فهو يرضى النفس الفطرية، كما يشبع الفكرة نهمة العلمية، كما لا يمكن أبدا أن يصطدم فى مرونته وسعة معانى ألفاظه بنتائج البحث العلمى أيا كان فى أى عصر من العصور، وهذا من أبلغ وجوه إعجاز القرآن [1].
5 - إن القرآن بهذا الأسلوب فارق ما فى أيدى الناس مما يزعمونه التوراة والإنجيل، فقد امتلأت بالتفريعات الدقيقة لهذه العلوم، والتفصيلات الشاملة للتحدث عن كل مظاهر الكون والتصوير المادى لكل ما فيه، فكانت نتيجة ذلك أن اصطدمت هذه الصور والأحكام بنتائج البحوث العقلية الثابتة، فسقطت قيمتها العلمية فى نظر الكونيين سقوطا لا قيام لها بعده، وكانت عن ذلك الخصومة الحادة التى ذهب ضحيتها كثير من العلماء أمثال جاليليو وغيره، وانتهت بأن قبع الدين فى زوايا الكنائس والأديرة [2]، وليس فى القرآن الكريم شىء من هذا كله، وهو قد ساير العلوم والمعارف منذ نزل على قلب محمد صلى الله عليه وسلم فأشرقت الدنيا بنوره إلى الآن، فلم يصدم بنظرية علمية صحيحة، ولم يخالف حقيقة كونية ثابتة، ولم يأته الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لأنه تنزيل من عزيز حكيم.
6 - والنتيجة من هذا البحث: أنه لا يصح للمسلم أن يعترض نصوص القرآن بنتائج هذه العلوم، فإن من هذه النتائج ما لم يثبت بعد، ومنها ما توهم العقل البشرى ثبوته فى عصر، ثم نقضه أشنع النقض فى عصر آخر، وتلك طبيعة الترقى العلمى كما سترى فى الفصل الذى يلى هذا، وفى التفسير الذى يجمع بين الإيمان بالنص وإرضاء البحث الصحيح مندوحة، بل مخارج كثيرة، هذا من جهة. ومن جهة أخرى فلا يجوز

[1] يراجع فى الدلائل على ذلك كتاب: (التوراة والإنجيل والقرآن والعلم) لموريس بوكاى، و (الإسلام فى عصر العلم) لمحمد أحمد الغمراوى.
[2] بل أدى ذلك إلى نشوء العلمانية المنادية بفصل الدين عن الحياة، ووقع المغفلون من بنى جلدتنا فأتوا بتلك البضاعة العفنة ظانين أن الإسلام كالديانات الأخرى فى موقفه من العلوم والاكتشافات، وشتان بين الإسلام وبين هذه الديانات المحرفة. يراجع فى نشأة العلمانية ودخولها بلاد الإسلام كتاب: (مذاهب فكرية معاصرة) للأستاذ محمد قطب، و (العلمانية والإسلام وجها لوجه) للدكتور يوسف القرضاوى.
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 365
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست